لبنان والبحرين ...نموذجان للتواطؤ السورى الايرانى

Submitted by dody on خميس, 06/07/2012 - 00:00

لبنان والبحرين.... نموذجان للتواطؤ السورى الايرانى

يحاول النظام السوري تخفيف الضغط الممارس عليه من خلال استغلال نفوذه في لبنان وتحريك عناصر قد تؤجج من التوتر الطائفي في لبنان، سواءاً كان من خلال عناصر حزب الله أم عناصر مخابراتية تابعة له أم من الموالين للنظام من الذين تربوا على يديه في أثناء احتلاله للبنان خلال العقود الماضية. ومابين باب التبانة إلى جبل محسن وحتى عاصمة الشمال طرابلس التي تُعد معقل أهل السنة في لبنان فإن الاشتباكات تواصلت بين أطراف تدعمها إيران والنظام السوري وحزب الله وبين شبان من أهل السنة وسط الخوف والانقسام الطائفي الذي يحاول النظام السوري استغلاله لتخفيف الضغط عنه، ولم يكن في هذه القضية للجيش اللبناني موقفا مشرفا إذ كان موقفه منحازاً لصالح حزب الله والنظام السوري وما دل على ذلك إقدام أحد ضباطه وبرفقته عشرين جنديا بإعدام الشيخ أحمد عبد الواحد أحد دعاة أهل السنة في شمال لبنان. لقد خضع لبنان لتأثير الخارج وأصبح لبنان ورقة في يد القوى الإقليمية خاصة في ظل حالة الانقسام الطائفي في الداخل اللبناني ومع التغيرات السياسية في المنطقة مؤخراً ظهر تأثير القوى الإقليمية على الداخل اللبناني من خلال:

أولاً: برع النظام السوري في لعبة إشعال الحرائق ومن ثم إطفائها، وذلك كي يظهر بمظهر من يملك أوراق اللعبة من كافة أطرافها، سواء أكان ذلك على الصعيد الداخلي أو على الصعيدين الإقليمي والدولي وما حادثة اختطاف الزوار اللبنانيين في حلب والملابسات التي تدور حولها، ونفي الجيش السوري الحر التورط في مثل تلك الأعمال المدانة، وخروج وزير الخارجية اللبناني بعد سويعات قليلة ليقول بأن الإفراج عن المختطفين سيتم بعد ساعات وبأن عملية تحريرهم في مراحلها الأخير كل ذلك ، له دلالة كبيرة في ما يجري على الأرض بأن المستفيد الوحيد من تلك الأعمال من ظهر بمظهر المنتصر القادر على إدارة الأزمات ومعالجتها بحزم.

ثانياً: لا يمكن التغافل عن أن لبنان بدأ يدخل مرحلة خطيرة من جراء تداعيات أزمة نظام الأسد في سوريا التي تعاني من قمعه وجرائمه الدموية. وهذه المرحلة الخطيرة ليست بمنأى عن محاولات الأسد ونظامه تصدير الفتنة الطائفية إلى لبنان، كي تكون اشارة للطوائف السورية الداعمة له أو الساكته على قمعه، بأنّ ما يجري في لبنان ينتظرهم إن سقط نظامه. وهذا التصدير الأسدي للفتنة الطائفية لا يمكن تمريره في لبنان بدون مستوردين لبنانيين، تصبّ هذه الفتنة الطائفية في مصالحهم المرتبطة ببقاء النظام الأسدي أيا كان نوع وحجم جرائمه بحق الشعب السوري.

ثالثا: يخشى البعض أن تكون هذه الحوادث بداية لاندلاع مواجهات أكبر في لبنان خصوصا مع ارتفاع حدة التوتر بين المؤيدين والمعارضين واستطالة الثورة السورية وطول أمدها. بينما يرى البعض الأخر أن النظام السوري يريد الانتقام من الشمال اللبناني لأنه يشكل حاضنة شعبية للثورة السورية حيث استقبل سكان الشمال النازحين السوريين وفتحوا بيوتهم لهم. ويعتبرون أن الحوادث الأخيرة والتي كانت السلطة سببا فيها تؤكد وجهة نظرهم تلك فالأمن في لبنان سياسي بالدرجة الاولى ويرى البعض أن الجيش اللبناني وبعض الفروع الأمنية مخترقة من قبل النظام السوري لذلك لم يكن من المستغرب أن تصعد من حملتها ضد الشمال وطرابلس. يسعى تيار المستقبل أن يحتوي التداعيات التي يمكن أن تتركها تلك الأحداث لأنه يرى فيها محاولات سورية لتحويل الأنظار عما يجري في سوريا من جهة ومن جهة أخرى يسعى النظام السوري إلى استثارة التيارات السلفية لكي يصور الصراع الحادث مع المعارضة أنه صراع إقليمي ضد التيارات المتشددة. ولكن كثير من المراقبين يخشون أن يكون قرار تفجير الاوضاع في لبنان أكبر من الأحزاب السياسية اللبنانية. فالملاحظة التي يجب التوقف عندها بتمعن وتفحص دقيق هي أنّه منذ عام 1976 عند دخول الجيش السوري للبنان إلى أن تمّ طرده في 2005 ، فلم يحدث أن حصلت اشتباكات طائفية بين الحيين، حيث يعتبر جبل محسن حيّا علويا بينما حي باب التبانة حيّا سنيّا، وتحيط به باقي نواحي عاصمة الشمال اللبناني مدينة طرابلس التي تعتبر مدينة سنّية في غالبيتها العظمى لدرجة أنّ بعض الطائفيين يسمونها عاصمة السنّة في لبنان  فهذه المواجهات الطائفية الدموية بين العلويين والسنّة اندلعت عندما تظاهر السنّة اللبنانيون دعما لثورة الشعب السوري ضد الأسد ولم يشعر علويو لبنان في حي جبل محسن بحجم المظلومية الواقعة على غالبية الشعب السوري الذي قتل الأسد منه حتى الآن ما يزيد على 17 ألف مواطن غير المفقودين ومن هم في سجونه؟ ولا يمكن تجاهل أنّ سكان حي جبل محسن مدعومون علانية من نظام الأسد وحزب الله والحزب القومي السوري والعديد من الشخصيات الموالية صراحة وعلنا لبقاء نظام الأسد واستمرار جرائمه بحق الشعب السوري. وظهرت كذلك تصريحات رفعت عيد رئيس الحزب العربي الديمقراطي وهو حزب العلويين في لبنان عقب الاشتباكات مؤكداً أنه إذا استمر الوضع في الانزلاق نحو المجهول في طرابلس، لا يمكن لأحد أن يهدىء الوضع في لبنان إلا جيش عربي، متمنيا أن يكون هذا الجيش هو الجيش العربي السوري.

رابعاً: هناك ربط بين التراجع الإيراني بشأن تزمتها السابق من قضية الملف النووي وبين الأحداث الجارية في لبنان فمن يعرف السياسة الإيرانية والعقلية التي تدير بها الأزمات أو تفجير الأزمات ان صح التعبير، يدرك معنى الربط بين الأحداث اللبنانية وبين الموقف الليوني الذي أبداه النظام الإيراني حيث أخذت الأحداث تتسارع في لبنان بشكل متسارع متزامنة مع إبداء إيران ليونة غير مسبوقة في مفاوضاتها مع الغرب بشأن ملفها النووي الذي كان ولسنوات طويلة موضوع خلاف شديد تعرضت بسببه إلى عقوبات دولية عديدة مما تسبب في انهيار عملتها واهتزاز اقتصادها بشكل غير مسبوق هذا بالإضافة لما تداولته الصحف والمواقع الالكترونية الموالية لخامنئي حيث خرج زعيم حزب الله في لبنان حسن نصر الله وهدد إسرائيل بان حزبه يمتلك من القدرة الصاروخية القادرة على الوصول إلى ميناء إيلات ولكن هذا التصريح لم يعجب للنظام الإيراني الأمر الذي دفع بقائد ما يسمى بقوات الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني  إلى الرد فورا على تصريحات نصر الله و اعتبرها مستعجلة و مخالفة لتوصيات المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي الذي كان اوصا بها ثم قام خامنئي بإرسال الشيخ  محمد محمدي  موفدا خاصا له إلى لبنان للقاء حسن نصر الله وابلغه بحضور السفير الإيراني في لبنان غضنفر ركن آبادي توجهات خامنئي بشأن عدم تصعيد حزب الله  لتهديداته ضد الكيان الإسرائيلي في الوقت الحالي.

فإيران كلاعب أساسي في المنظومة الإقليمية قد تعرض مشروعها السياسي في المنطقة بفضل الربيعي العربي إلى هزات كبيرة وكان هذا الاهتزاز سببا في مهاجمة مستشار المرشد خامنئي للشؤون الخارجية  علي اكبر ولايتي للربيعي العربي حيث وصفه بأنه  يهدف إلى تقسيم العالم الإسلامي وعزل العرب الذين هم اقلية في الأمة الاسلامية عن باقي المسلمين  ومنها يمكن فهم الموقف الإيراني المعادي لثورة السورية والداعم لحليفها بشار الأسد وبطبيعة الحال فان الواقع يفرض على إيران لحماية مشروعها إنقاذ نظام بشار الأسد الذي يعد من المرتكزات الرئيسية لهذا المشروع. فقبل مقتل الشيخ السني احمد عبدالواحد بوقت قصير اتهم مندوب سورية في الأمم المتحدة بشار الجعفري جهات سنية في لبنان بإيواء ودعم معارضون للنظام السوري. لقد أكد مفتى جبل لبنان الشيخ محمد على الجوزو اليوم أن إيران تلعب بالنار وتثير الفتن الطائفية فى أنحاء الوطن العربى كله فإيران وحدها أيدت جميع الثورات العربية إلا ثورة أبناء الشعب السورى وأطلقت عليها صفة المؤامرة.

وفي المقابل هناك أزمة شديدة وانقسام عمودي ومخاوف من نقل الصراع إلى الساحة اللبنانية وسط الانقسام داخل الحكومة اللبنانية، فوليد جنبلاط له موقف مشرف مؤيد للثورة لأنه يعلم مدى إجرام نظام الأسد ونجيب ميقاتي لديه موقف ضعيف لكنه اتخذ شعار النأي بالنفس وموقفه لا يحسد عليه، لأنه وضع نفسه بين المطرقة والسندان، فالحكومة تسيطر عليها قوى متحالفة مع النظام السوري مشيل عون و حزب الله و حركة أمل و شعبيته الطرابلسية و المكان الذي ينتمي إليه و الأصوات الانتخابية الذي يراهن عليها عند السنة في الشمال وهي  داعمة للثورة، ويحاول أن يرفع السقف في المطالب الإنسانية بالمقابل أنصار نظام سورية لا يريدون مساعدة النازحين لكنه يحاول أن يستفيد من موقعه من خلال دعم النازحين من خلال هيئة الإغاثة العليا، لكن الرجل مضغوط جداً بمن حوله من وزراء، ومواقفه ضعيفة جداً ولا ترضي الساحة السنية.

فلاشك أن استقرار لبنان وقع فريسة لوحشية نظام الأسد في قمع ثورة الشعب السوري والمحاولات الإيرانية لتخفيف الضغط على طهران بسبب برنامجها النووي، ومن ثم فإن الدول العربية يقع عليها مسؤولية لم الشمل اللبناني كما يقع على الطوائف الوطنية اللبنانية توحيد الصف وعدم الوقوع في الفخ الذي تحاول طهران نصبه لطهران كما حاولت نصبه في البحرين من خلال تأجيج البعد الطائفي والمذهبي هناك.