دورة الالعاب الاولمبية فى بريطانيا اختبار لمنظومة الامن

Submitted by dody on ثلاثاء, 05/29/2012 - 01:11

دورة الألعاب الأولمبية فى بريطانيا  اختبار لمنظومة الأمن

لا شك أن بريطانيا تشهد حالة استعداد قصوي بين كل أجهزتها استعدادا لاستقبال دورة الألعاب الاولمبية والألعاب الباراليمبية للمعاقين في27 يوليو 2012 والتي ينتظرها مئات الملايين حول العالم. ولا تقتصر أهمية هذا الحدث العالمي الرياضي الضخم علي أن أنظار العالم تتجه نحو لندن لمتابعة الانجازات الجديدة في عالم الرياضة, ولكن بريطانيا تعول علي أن تكون تلك الدورة بمثابة طوق النجاة لها من أزمتها الاقتصادية, ونافذة تطل منهاعلي العالم لجذب مزيد من الاستثمارات للاستفادة من التراث الذي تخلفه الدورة الأوليمبية من بنية أساسية وتحديث في كل القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والسياحية والاتصالات والمواصلات. بالإضافة إلي تسويق خبراتها في الإدارة والتنظيم والخبرات التي اكتسبتها شركاتها علي مدي فترات الإعداد لهذه الدورة وتصدير تلك الخبرات لأنحاء العالم. علي الجانب الآخر تتوقع دوائر المال والأعمال في انجلترا أن تسهم الدورة الأوليمبية في تحقيق عوائد مالية تتجاوز21 مليار استرليني, وتوفير فرص عمل جديدة ويستفيد من تلك التدفقات النقدية شركات الخدمات والفنادق والمطاعم والمقاهي ومحال التذكارات ووسائل النقل وشركات السياحة والاتصالات.

وخرجت تحذيرات أجهزة الأمن البريطانية من مخطط ارهابي دبره متطرفون لهم صلات بتنظيم القاعدة لتزيد المخاوف والهواجس الأمنية من مهاجمة العاصمة البريطانية لندن من خلال تنفيذ هجمات إرهابية باستخدام مادة السيانيد السامة وسط مخاوف أن تكون خلية ارهابية اخترقت الاجراءات الأمنية وحصل أفرادها على وظائف في المواقع الأولمبية وينتظرون الفرصة لشن هجوم وهو ما أثار تساؤلات حول قدرة الإجراءات الأمنية المطبقة على ضمان تأمين 15 ألف رياضي ورياضية من كل أنحاء العالم، يشاركون في فعاليات الأولمبياد.

وأصبحت العملية الأمنية من القضايا والأمور المهمة في الدورات الأولمبية منذ أن لقي 17 شخصا حتفهم عندما هاجم مسلحون فلسطينيون أفراد البعثة الإسرائيلية المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية بمدينة ميونيخ الألمانية عام 1972 والتي فشلت خلالها عمليات الإنقاذ. كما كانت لندن نفسها هدفا لهجمات إرهابية وتفجيرات انتحارية في السابع من يوليو 2005 مما أسفر عن مقتل 52 شخصا بعد يوم واحد من حصول العاصمة البريطانية على حق استضافة أولمبياد 2012  على يد كتائب ما يسمى أبي حفص المصري. ولذلك بدت بريطانيا تعزز أمن الأولمبياد كأنها تستعد لحرب حيث أن الترتيبات الصارمة قد تدفع الحضور للضيق جراء أكبر عملية أمنية تقوم بها بريطانيا منذ الحرب العالمية الثانية. فزجاجات المياه المعدنية وبجانب القبعات الكبيرة ستكون من المحظورات التي لن يسمح بدخولها إلى الأماكن المخصصة للفعاليات الرياضية فالعملية الأمنية ستكون أضخم فعالية لوجوستية بالمملكة المتحدة من خلال الكثير من الاستعدات من قبل السلطات البريطانية لهذا الحدث مثل:

  • إجراء مناورة عسكرية واسعة النطاق في لندن هدفت للاستعداد لأية تهديدات قد تنشأ.
  •  مشاركة 14 ألف جندي وعناصر مسلحة من القوات البريطانية الخاصة ترتدي ملابس مدنية وقناصة إلى جانب 20 ألف حارس أمن من القطاع الخاص حماية المواقع الأولمبية في لندن ومدن أخرى، كما تم نشر حاملة المروحيات أوشين في مياه نهر التايمز بالقرب من القرية الأولمبية، ومقاتلات من طراز تايفون في قاعدة جوية قريبة من لندن، وصواريخ أرض ـ جو في ست مناطق محيطة بموقع الأولمبياد.
  •  محالو طمأنة البريطانيين والضيوف مثل تأكيد وزير الدفاع البريطاني فيليب هاموند عدم وجود تهديدات ارهابية محددة ضد دورة الألعاب الأولمبية في لندن وتأكيده على تواجد الجيش البريطاني لتوفير الطمأنينة لدى الناس.
  • قيام الجيش البريطاني بنصب بطارية صواريخ فوق سطح برج في نطاق مجمعهم السكني، للدفاع عن أولمبياد 2012 وذلك لحماية أولمبياد لندن من التعرض لهجوم جوي وهذه أول مرة تنشر فيها مثل هذه الصواريخ في لندن منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، فبريطانيا ستحذو حذو أولمبياد سابقة، مثل دورة ألعاب بكين في 2008 حيث نصبت صواريخ أرض جو على بعد كيلومتر جنوبي ملاعبها.
  • نصب رادارات عسكرية حول مواقع الأولمبياد.
  • رصد ميزانية أمنية تزيد عن مليار جنيه إسترليني ( 1.6 مليار دولار ) لتأمين هذه الدورة.
  • قيام عمال الحفريات البحرية ببناء كتل خرسانية ضخمة على ضفاف نهر لي الواقع شمال موقع الألعاب الأولمبية في شرق العاصمة البريطانية لندن، لصد أي هجوم إرهابي عن طريق المياه.
  • الاستعدات الأمنية امتدت لتشمل قيام الشرطة في لندن بإغلاق العديد من بيوت الدعارة، فالمراكز المحلية التي تستضيف الأولمبياد مثل تاور هامليتس ونيوهام التي يقع فيها الاستاد الأوليمبي شهدت زيادة في إلقاء القبض على العاهرات خلال الشهرين والنصف في بداية العام 2012 وتزيد أعدادها عمن تم إلقاء القبض عليهن في العام 2011 بأكمله وأكدت الشرطة أنها طلبت من العاهرات عدم التواجد في الشوارع خلال الفترة من العاشرة مساء وحتى السادسة صباحا.
  • قامت الولايات المتحدة بنشر نحو 1000 من عناصرها الأمنية في العاصمة لندن بينهم 500 من مكتب التحقيقات الفدرالي بعد أن شككت بشكل غير معلن مرارا بالاجراءات الأمنية البريطانية. حيث إن الوفد الاميركي سيكون أحد أكبر الوفود المشاركة في الاولمبياد، اضافة الى مئات الالاف من السياح والرعاة الاميركيين، لذا يبدو طبيعيا وحكيما بالنسبة الى الولايات المتحدة أن تناقش أمن الألعاب مع المسؤولين البريطانيين".
  • يعد الاستنفار البريطاني غير المسبوق والذي أصاب البريطانيين بالصدمة سبقه قيام جهاز الأمن الداخلي البريطاني إم آي 5 بتنفيذ أكبر عملية له منذ الحرب العالمية الثانية حاشدا من موظفيه البالغ عددهم 3800 موظف لمراقبة الأولمبياد.

كل هذه الاستعدادات تظهر مدي خوف السلطات البريطانية من أي طارىء يهدد الأمن والاستقرار خاصة بعد الاحتجاجات التي شهدتها لندن وأدت لسقوط 5 قتلى واعتقال 1500 شخص بالإضافة لعمليات السرقة والنهب والتخريب خاصة بعد خروج رئيس الوزراء البريطاني الذي هاجم الشرطة ووصفها بأنها بدت عاجزة عن التحرك في بداية الحوادث وتأكيده أنها تعاملت مع القضية كما لو أن الأمر مجرد مسألة نظام عام بينما يتعلق الأمر بإجرام وتاكيده على أن عدد رجال الشرطة كان قليلا جدا في الشوارع أثناء الاحتجاجات.

ومن ثم فالأجهزة البريطانية خرجت لتغير تكتيك عملها أثناء الأولمبياد خاصة مع استمرار تأثير الأزمة المالية العالمية وعدم تحسن الاقتصاد البريطاني وهذا له تأثير عميق على المجتمع البريطاني.

وبطبيعة الحال فالشرطة البريطانية كانت أحد أسباب تفاقم أعمال الشغب في لندن حيث أن عدم تمكن الشرطة المحلية من السيطرة على الاحتجاجات في وقت مبكر يرجع إلى عدم علمها بالتطورات السريعة للاحتجاجات وأثبت أن الشرطة البريطانية توجه نوعان من المشاكل الرئيسية هما: أولا، قطع الحكومة البريطانية تمويل الشرطة لخفض العجز من خلال تسريحات جماعية للشرطة البريطانية، وفي غياب عدد كافي من الموارد البشرية والمالية، فإن الحفاظ على النظام الاجتماعي سوف يكون صعبا لا محال.

ثانيا، توجيه انتقادات لمصداقية الشرطة البريطانية على خلفية فضيحة التنصت الاتصالات في صحيفة نيوز أوف ذا وورلد التابعة لمؤسسة نيوز انترناشونال والتي تحتاج إلى طريق طويل لاستعادة تأييد الرأي العام. ومن ثم فإن دورة الألعاب الأولمبية ستكون اختبار حقيقي لشرطة لندن وقدرتها في التأكيد على حفظ الأمن مستقبلاً من أجل إستعادة الثقة فيها بعد الأحداث الأخيرة والتي أثبتت ضعف الشرطة وفاعليتها وستكون الدورة اختبار حفقيقي يكشف مدي استفادة الشرطة من تفجيرات لندن والاحتجاجات الأخيرة من عدمه.