جمعية الوفاق البحرينية بين المصالح الايرانية والمصالح الوطنية

Submitted by dody on أحد, 05/27/2012 - 00:58

جمعية الوفاق البحرينية بين المصالح الإيرانية والمصالح الوطنية

حالة من الهدوء والسكينة وصمت المقابر، تعتري الوفاق بعد التصريحات الإيرانية الصادرة عن مجلس الشورى بضم البحرين إلى إيران واعتبارها المقاطعة الرابعة عشر، فالشيخ عيسى قاسم رئيس المجلس العلمائي، وهو الذي لا يتوانى في خطبه عن الحديث عن الحق والعدالة والمظلومية وغيرها لم يصرح هو ومن معه من العلمائيين عن حق البحرين في أن تعيش مستقرة وآمنة ومستقلة وبعيدا عن الاطماع الإيرانية، وكأنه لم يسمع وبقية العلمائيين في مجلسه التصريحات الإيرانية المتواترة ضد البحرين؟ أم أن البحرين بالنسبة إليهم ليس وطنا وانما مكان لتحقيق مآرب البلد الذي يوالونه عقديا وسياسيا باسم الولاء العقدي؟ كيف يصدق الشعب البحريني ادعاءاتهم بالوطنية بعد ذلك، وهم لايدافعون بحرف واحد عن هذا الوطن حين تصل التهديدات المباشرة ضده وهم أصحاب المنابر؟ فكيف هم وطنيون وهم  لا يدافعون عن حرية وطنهم واستقلاله وانما يسهمون في رهن هذا الوطن للمخططات ولذلك يجب على الوفاق أن تستعيد الوعي بخطورة الدور المنوط بهم، في هذه المرحلة التاريخية الفاصلة في تاريخ الشعب البحريني تجاه وطنه وخليجه وعروبته وانتمائه، فلن يكون هناك زمن آخر لممارسة هذا الوعي من يبق صامتا بعد كل الذي حدث ويحدث، وبعد انكشاف كل اوراق المؤامرة، فانه يثبت الشكوك حوله، ويضع نفسه في سفينة تتجه لضرب الوطن وثوابته ومرتكزات امنة واستقراره. حينها لا يلومن إلا نفسه، إن وصمه الآخرون بصفات الخيانة للوطن أو غيره، فالوطن لا يحتمل إلا خيارا واحدا، هو الانحياز المطلق إليه، واعلاؤه فوق كل شيء، حتى الروح نفسها والوقوف دفاعا عنه في وجه أي تهديدات. وعليها أن تقف الدولة ويقف الشعب لاخراجها واخراج أمراضها وأزماتها من الحياة البحرينية بشكل كامل، فهي قد فقدت رشدها وتحولت الى كارثة على الجميع، والى مجرد أداة في حرب الوكالات على البحرين.

هناك حالة من الفوضى يقودها علي سلمان بسبب توجه دول الخليج باتجاه الاتحاد. فليس هناك مشكلة في أن يعبر سلمان وجماعة الوفاق عن رأيهم في الاتحاد، ولكن لا يتحولوا لأصابع إيرانية في البحرين حيث يتم استنكار اتحاد دول مجلس التعاون ويتم الصمت عن التصريحات الإيرانية بضم البحرين إليها حيث تنوعت التصريحات المعادية للبحرين من قبل أطراف خارجية ولم ترد الوفاق حيث:

  1. حذر زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر من امور لا تحمد عقباها في حال اتحاد البحرين بالسعودية دون موافقة شعبيهما.
  2. دعا المجلس التنسيقي للاعلام الاسلامي في ايران في بيان أبناء الشعب الى الخروج بتظاهرات إحتجاجية ضد مشروع الاتحاد واصفا المشروع بانه مؤامرة اميركية صهيونية لاحباط ثورات المنطقة.
  3. اعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية رامين مهمان برست ان مشروع الرياض الرامي الى اقامة اتحاد مع المنامة قد يفاقم الازمة في البحرين ويؤدي الى تعميق الجروح واكد على أن الجمهورية الاسلامية الايرانية تعتبر الاقتدار الحقيقي لدول المنطقة في تمتعها بدعم اغلبية شعوبها ، وتعتقد ان التعاون الاقليمي في هذا الاطار يضمن مصالح العالم الاسلامي ويحبط المؤامرات الصهيونية المثيرة للخلافات.
  4. دعت صحيفة كيهان الإيرانية التي يشرف عليها المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي إلى ضم مملكة البحرين إلى إيران. وطالبت بالعمل بقوة على ضمها، إلا أنها لم تكشف عن الخطوات العملية التي يجب اتخاذها بهذا الشأن.

فعلى الرغم من أن النظام في البحرين ملكي يعزز ديمقراطيته مع مرور الوقت إلا أن جمعية الوفاق اعتمدت على التطاولات على الرموز الحاكمة والانقلاب ضد الشرعية  تحقيقا لنظرية الولي الفقية الإيرانية لمسخ الديمقراطية البحرينية، فأجندة الوفاق تصبح مكشوفة تماما حين يهدد أي مسؤول إيراني البحرين. فيتم نسيان الوطن ومعنى الوطنية، وما الديمقراطية الطائفية والتداول السلمي للسلطة أو المحاصصة السياسية الطائفية من أجل إرضاء إيران حيث تعتبرها الوفاق الأقدر في قيادة المسلمين.

ولم تتعلم الوفاق أن الديمقراطية التي في البحرين هي أكبر بكثير من المناورات السياسية والادعاءات والمتاجرة والابتزاز والاستبداد والاستقواء بالسفارات وبإيران وبأصحاب الأجندة في العراق ولبنان. فالخارج يستخدم الوفاق كالدمى لتحقيق الأجندة التوسعية، والصفوية القومية والعنصرية ضد البحرين والخليج بسنته وشيعته معا وباسم الدين. ولم تخرج الوفاق وأنصارها في مسيرة صاخبة ضد التصريحات الإيرانية كما اعتادت بشكل دائم الدعوة إليها ضد الديمقراطية في البحرين، ولم تظهر خطبة وخطبا رنانة ضد أطماع الولي الفقية ولم يظهر دفاعا اعلاميا قويا من قبل الوفاق لصالح استقلال وعروبة البحرين وهويتها لمواجهة الأجندة الانقلابية والتوسع الإيراني ضد الوطن. وكان يجب على الوفاق أن تراعي النقاط الأتية خلال تعاطيها مع تصريحات إيران المعادية لإيران وهي:

  • السلوك الإيراني الاستفزازي تجاه الاتحاد الخليجي المرتقب يدل على عجز تام بعد انسداد جميع المنافذ الإقليمية والدولية في وجه ساسة طهران ،فإيران تسير في طريق خطير يؤدي إلى زعزعة أمن المنطقة ككل
  • من يرفض الاتحاد الخليجي ليس الشيعة في البحرين وإنما التيار الإسلامي الشيعي التابع للولي الفقيه، وأن هذا التيار لا يريد مصلحة المملكة بالاتحاد في وقت باتت فيه التكتلات الكبرى هي الحامية لمصالح الأمم والشعوب، والطريقة الأمثل والأفضل لحفظ الأمن والاستقرار.
  • منطقة الخليج وخصوصا البحرين لم تشهد استقرارا منذ قيام الثورة الإيرانية"، وأن "البحرين جزء من المنظومة الخليجية العربية وكانت وستبقى عربية. فالاتحاد الخليجي مطلب شعبي أصيل فالانتقال من مرحلة التعاون إلى الاتحاد يأتي استجابة للمطلب الشعب الخليجي وشعب البحرين صوت على الاتحاد بتصويته على ميثاق العمل الوطني.
  • موقف الحكومة البحرينة صلب من خلال إدانة وزارة خارجية مملكة البحرين والبرلمان العربي التصريحات الإيرانية التي  تعد انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي التي تحكم علاقات الدول بعضها ببعض وتتعارض مع أهداف ومبادئ منظمة التعاون الإسلامي وضرورة الالتزام بالأعراف الدولية التي تقضي باحترام مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول. وقد استدعت وزارة الخارجية القائم بأعمال سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى المملكة وقام وكيل وزارة الخارجية السفير عبدالله عبداللطيف عبدالله بتسليمه مذكرة احتجاج بهذا الشأن

فالنوايا الإيرانية السلبية تجاه البحرين ظاهرة وليست خفية من خلال تصعيد عمليات العنف والتخريب داخل اللمملبكة وعلى يد بعض أبنائها فالذين يسمون أنفسهم معارضة دعوا  طويلا إلى حكومة رشيدة ونسوا أنفسهم، ونسوا تماما أن أي بلد في العالم بقدر حاجته الى حكومة رشيدة فهو بحاجة الى معارضة رشيدة في ذات الوقت. لا يمكن أن تقوم أي دولة بفتح باب الحريات والديمقراطية وتطوير الاصلاح، فيما المعارضة تريد أن تنسف النظام السياسي الاصلاحي القائم عن بكرة أبيه، وأن تنقلب على الدستور وعلى القانون وعلى الاصلاح نفسه، بل على كامل الحياة البحرينية بكل تفاصيلها، بل أن تخرج من تحت الرداء السياسي الاصلاحي، لتتبنى العنف والارهاب وتستند إليهما، ثم تدعي أنها معارضة سياسية اصلاحية، تريد الاصلاح وتريد حكومة رشيدة.

فمعارضة كهذه لم تخرج عن مبادئ العقل والمنطق، وانما خرجت أيضا عن قوانين الرشد، وتماهت تماما مع جنون الارهاب والعنف والتخريب الذي تقف وراءه إيران. فالبحرين بعد أن كشف شعبها الوجه الحقيقي للجمعيات السياسية القائمة التي تحولت من كونها ممثلة لمطالب الشعب، لتصبح ممثلة لحراك طائفي ارهابي، هي بحاجة اليوم كوطن للجميع الى اعادة ترتيب أوراق كل الجمعيات السياسية حيث تخالف المصلحتين الوطنية والشعبية، بل تضرب في أمن البلد واستقراره، وتعرض منجزاته الديمقراطية والاصلاحية لأكبر خطر، ناهيك عن كل التهديدات الإيرانية وما ارتكبته إيران من جرائم حقيقية في حق الشعب البحريني خاصة بعد أحداث فبراير2011، فإيران  تريد شعبا بحرينيا منقسما على نفسه، ومتناحرا طائفيا في الجوهر، ويعاني بلاء ارهاب متصاعد، يعرض الاصلاح والاقتصاد والمجتمع لمخاطر كارثية كبرى.

فالجمعيات مثل الوفاق تدعي أنها معارضة، وهي معارضة غير رشيدة بكل المقاييس في واقعها وجوهرها لا تعمل من أجل بناء وطن أو اصلاح أحوال شعب كما تدعي، وانما هي تتاجر فيهما من أجل مصالح خارجة تماما عن خط سير الوطن والشعب والاصلاح، حتى ان أجادت وأتقنت استخدام الشعارات والمصطلحات والمفاهيم الاصلاحية، فجوهر سلوكها وحقيقته ينسفان كل الكلام، وينسفان مبدأ التقية أو الكذب فيما الهدف في مكان آخر تماما، وهو الاستحواذ الكامل على السلطة من فئة طائفية ثيوقراطية متخلفة، حتى لو كان ثمن ذلك هو حرق الوطن بالارهاب، وأخذ الشعب البحريني نحو النموذج العراقي الكارثي بكل ما في الكلمة من معنى وهو هدف إيران.

فالبحرين بحاجة الى معارضة وطنية، غير طائفية، ولاؤها للوطن ولاصلاحه ولنظامه بحسب الدستور ولهويته ولانتمائه ولنهضته وتطوير اصلاحه، في حدود مفهوم الوطنية والمواطنة البعيدتين عن أي ابتزاز أو استغلال أو تشويه، وبحاجة الى معارضة سياسية حقيقية لا صلة لها بالعنف أو بالإرهاب أو بالدفاع عن أصحابهما أو دعمهما أو تغذيتهما بالتحريض السياسي والديني.