الوفاق البحرينية ومخططات القوة الناعمة: هل ستنجح؟

Submitted by dody on ثلاثاء, 02/07/2012 - 23:23

الوفاق البحرينية ومخططات القوة الناعمة: هل ستنجح؟

---

ليست مصادفة فى عالم يموج بتحولات وتغيرات اقليمية وعالمية ومحلية أن يلجأ كل من طرف الى توظيف عناصر القوة التى يملكها ما بين عناصر مادية (عسكرية واقتصادية) وما بين عناصر غير مادية او ما يطلق عليه قوة ناعمة (الاعلام، قضايا حقوق الانسان، الديمقراطية ...).

واذا كان صحيحا أن عناصر هذه القوة تمتلكها الدول والحكومات كعناصر لقوة الدولة تستخدمها وتوظفها من أجل تحقيق اهدافها السياسية سواء على المستوى الداخلى او الخارجى، إلا انه من الصحيح أيضا ان بعض القوى المعارضة فى تلك الدول تسعى جاهدة الى توظيف ما تملكه هى الاخرى بدورها من اجل تحقيق مصالحها الذاتية وطموحاتها الشخصية وإن ظل بقدرات اقل وبامكانيات محدودة، ولكن رغم ذلك قد تكون اكثر فعالية وأكثر تأثيرا إذا تجاهلت الدولة كيفية التعامل معها وحسم قضايا الخلاف ووضع نهايات وطنية لخروجات تلك القوى.

ويأتى الحديث فى هذا الاطار بمناسبة ما يمكن ان نطلق عليه استراتيجية جمعية الوفاق البحرينية الجديدة فى ذكرى الاحداث المؤسفة التى شهدتها مملكة البحرين خلال شهرى فبراير ومارس 2011 الماضيين، وهو ما يستوجب تسجيل عدد من الملاحظات تمثل اطارا عاما يتم تناول ابعاده من خلال عدد من المقالات لكشف ابعاد تلك الاستراتيجية واهدافها ومخططاتها وفشلها إن نجحت الحكومة البحرينية فى التعامل معها بصورة أكثر حسما وأكثر فعالية، تتمثل تلك الملاحظات فيما يلى:

أولا- ليست مبالغة القول أن الموقف الذى اتخذته جمعية الوفاق البحرينية منذ ما يقرب من عام نحو تحريك الاحداث واثارة القلاقل والاضطرابات وممارسة اعمال الشغب والتى تصل فى بعض مظاهرها الى اعمال ارهابية تجرمها الاديان السماوية والاعراف والمعاهدات الدولية والقوانين الوطنية، ينبع هذا الموقف من ارتباط باجندات خارجية لم يعد من الممكن التشكيك فى حقيقتها، حيث تكشفها سياستها وتؤكدها تحركاتها وتفضحها تصريحات مسئوليها والمحركين لهم فى الخارج. ويؤكد على ذلك المنطلق الذى تتحرك فى اطاره وفقا لاستراتيجيتها الجديدة فى الاعتماد على الخارج وإن ظل هذا الخارج كما هو (ايران- حزب الله- التنظيمات الارهابية فى العالم) ولكن أصبح اقل بروزا فى العلن مع التركيز على الخارج الاعلامى والحقوقى.

ثانيا- ارتباطا بما سبق، ترى جمعية الوفاق بل واجهت الجمعية واقعا داخليا كشف كذب ادعاءاتها وزيف اقوالها لما قامت به الحكومة البحرينية من خطوات عاجلة لمعالجة التداعيات السلبية التى افرزتها ممارساتها الغير قانونية، بدءا من صندوق التعويضات مرورا بمرئيات الحوار الوطنى ولجنة تقصى الحقائق البحرينية، وصولا الى التعديلات الدستورية والاصلاحات القانونية، وهو ما ادى الى سعيها الى خلق مظلوميات جديدة لتوظيفها خارجيا على مستوى الاعلام الخارجى وعلى مستوى المنظمات الحقوقية الغربية التى يتركز دورها ليس فى حماية حقوق الانسان ودعم الديمقراطية، وإنما تسهم فى فتح حدود الدول امام التدخلات الغربية بصفة عامة والامريكية على وجه الخصوص تحت مسميات براقة وخطب رنانة لا ينخدع بها إلا كل جاهل او مغرض او مريض عقليا او صاحب مصلحة ذاتية ونظرة ضيقة وربما كل من فقد وطنيته وتنازل عن كرامته. فالعزة لا تكون بالبكاء لدى الخارج وإنما العزة والكرامة تكون بالاحتماء بالوطن والارتباط بالاهل، وصدق القول الذى يقول اننا لا نعيش فى اوطاننا وإنما اوطاننا تعيش فينا.

ثالثا- من المهم على الدولة البحرينية ان تدرك جيدا ملامح هذا المخطط وتلك الاستراتيجية الجديدة والتى تبدأ اولى خطواتها او قد بدأت بالفعل فى الربط بين ما يحدث فى مصر فى الخامس والعشرين من يناير 2012 وبين ما يحدث فى البحرين، وفى هذا الصدد يجب الاشارة الى امرين مهمين: الاول، ان ثمة تباين شديد بين ما يحدث فى مصر من ثورة شعبية حقيقية ضد نظام فاسد حرم الشعب برمته من ابسط حقوقه الاساسية وهو ما تسجله التقارير المحايدة ويكشفه الواقع المعاش، وبين ما يحظى به الشعب البحرينى من رعاية واهتمام فى ظل حكومة نجحت رغم المصاعب الاقتصادية ومحدودية الموارد أن تجعل من المواطن البحرينى جل اهتمامها اتضح ذلك فى مؤشرات تقرير التنمية البشرية لعام 2011 والذى صنف البحرين فى مقدمة الدول. أما الامر الثانى، يجب على جهاز الامن البحرينى ألا يصمت امام التحركات غير القانونية والاستفزازات التى يقوم بها انصار الوفاق فى الاحتكاك بهم ومحاولة اثاراتهم اعتقادا منهم بأن الرد من جانب الامن يعتبر انتهاكا لحقوق الانسان واعتداءا على الحريات الشخصية، وهو امر بعيد كل البعد عن هذه التوصيفات، وليس ادل من ذلك ما قضت به محكمة الجنايات المصرية ببراءة بعض الضابط المتهمين فى قتل المتظاهرين فى منطقة السيدة زينت مكيفة القضية على انها دفاعا شرعيا عن النفس. وهذا بالفعل تصحيح لمغالطات تنجح قوى المعارضة فى توظيفها لابد من اعادة توضيح لمفاهيم يغفل عنها الجميع ان ثمة شعرة فاصلة بين الحق والحرية وبين الفوضى والشغب.

خلاصة القول على الدولة البحرينية ان تدرك خطورة ما يحاك لها فى ظلم الليل من جانب من يتشدق بالمعارضة متناسين ان المعارضة كى توصف بالوطنية عليها الا تستعين بالخارج وتستقوى به على ابناءها وانصارها، فالخارج لا يتدخل الا وفقا لاجندة مصلحية محددة تتفق واهدافه ومخططاته، فى حين الكل فى الداخل من الخاسرين. وللحديث بقية.