تقرير منظمة "مراسلون بلا حدود" عن البحرين لعام 2011: مغالطات واخطاء

Submitted by dody on ثلاثاء, 01/31/2012 - 01:16

تقرير منظمة "مراسلون بلا حدود" عن البحرين لعام 2011: مغالطات واخطاء

---

فى ظل عالم يموج بتحولات وتغيرات عديدة تزايدت دورها وتأثيراتها منذ نهاية التسعينيات من القرن المنصرم مع بروز العولمة وتزايد شبكة الاتصالات والمواصلات العالمية التى حولت العالم كله الى قرية كونية صغيرة، اصبح من الصعوبة بمكان على طرف ان ينفرد بصنع سياساته ويتحمل بمفرده خطأ قراراته، وهو ما يترتب عليه تزايد الترابط بين مختلف انحاء الكرة الارضية وأصبحت تدفق المعلومات وسرعة انتقالها وسهولة تداولها من ابرز سمات هذا العصر، فقد تراجعت سيادة الدول ولم تعد قادرة على منع تواصل مواطنيها مع الاخرين فى البقاع المترامية من الكرة الارضية. واذا كان هذا صحيحا فى بدايات الالفية الثالثة، فإنه اصبح حقيقة لا يمكن ان ينكرها احد فى بداية العقد الثانى من تلك الالفية، فمع انتشار الفضائيات التليفزيونية بفضل ثورة الفضاء الالكترونية، فضلا عن تعدد شبكات التواصل الاجتماعى بفضل شبكة المعلومات الدولية (الانترنت) وما اتاحته للجميع من سهولة التواصل والتفاعل ليس فقط داخل حدود الدولة او داخل حدود منطقة جغرافية معينة، بل بين مختلف دول العالم. فى ظل هذا العام اصبح الحديث عن حرية الاعلام وضماناتها محل شك كبير، فلم يعد ثمة قدرة من الدول وحكوماتها فى السيطرة على نشر الاخبار وتنوعها، بل اصبح من السهولة اختراق حدود الدول وفقدان سيطرتها وسيادتها على حدودها الاقليمية. واذا كان هذا ينطبق بصورة اساسية على العالم المتقدم بما يزخر به من تقدم علمى وتكنولوجى، فتزداد القدرة الاختراقية لسيادة الدول فى العالم النامى بصورة تجعلها مكشوفة ومستباحة فى ظل هذه الثورة العلمية والتكنولوجية والفضائية، وهو ما ادركته الدول فى ان فرض القيود وسن التشريعات المقيدة للحريات الاعلامية لن يفيدها فى حجب المعلومات ونقلها وسرعة تداولها ويدلل على ذلك ما حدث فى ثورات الربيع العربى رغم سعى بعض الانظمة كما هو الحال فى النظام المصرى بقطع شبكة المعلومات الدولية وكذلك قطع الاتصالات وفشل مخططها فى مواجهة حالة الثورة الشعبية.

يؤكد كل ما سبق على ثلاثة أمور لم يعد من الممكن الحديث عنها فى ضوء ما جاء فى تقرير منظمة "مراسلون بلا حدود" حول حرية الاعلام فى مملكة البحرين والتى صنفت طبقا للتقرير فى المرتبة 173 بما يمثل تراجعا بمقدار 29 مرتبة مفسرة ذلك فى قمعها العنيف للحركات المطالبة بالديموقراطية ومحاكماتها للمدافعين عن حقوق الإنسان، وإلغائها كل هامش حرية. فلا شك أن هذا القول عار على الاطلاق من الصحة ويخالف العديد من حقائق الواقع التى اكدتها تقرير لجنة تقصى الحقائق التى تشكلت لبحث فى حقيقة تلك الاحداث المؤسفة، كما يتعارض كلية مع سياسة الحكومة البحرينية الرشيدة فى تعاملها مع هذه الاحداث، فلم يثبت الواقع قيامها باغلاق صحيفة او قناة تليفزيونية او تعطيل لبث اذاعى او منع كاتب او صحفى من مزاولة عمله، فضلا عن السماح لكافة المراسلين الاجانب على مزاولة مهامهم بكل حيادية وموضوعية دون منعهم من دخول اماكن محددة او فرض عليهم آراء معينة او توجهات سابقة، يدلل على ذلك استمرار مكاتب المراسلات لمختلف الصحف والاذاعات والقنوات الفضائية فى نقل هذه الاحداث من ارض الواقع دون تجميل او مونتاج، بل يدلل على ذلك ان اكثر القنوات تحريضية كقناة العالم الايرانية لم تمنع من نقل الاحداث بل استمرت فى متابعتها اليومية رغم ارتكابها للعديد من التجاوزات والمخالفات التى تجرمها مواثيق العمل الصحفى. لم يقتصر الامر على ذلك فحسب، بل جاء وضع التقرير لمملكة البحرين على نفس المقياس مع سوريا واليمن ليؤكد على انحياز واضح ضد حقائق الامور ومصداقيتها، فليس ثمة مجالا للمقارنة او الربط من بعيد او قريب بما الاوضاع فى البحرين وما شهدته كل من اليمن وسوريا من بطش وطغيان وقتل وانتهاكات ضد المواطنين من ناحية، ومن ناحية يختلف نظام الحكم فى كلا الدولتين عن نظام الحكم البحرينى وسياسته حيال مواطنيه وحرصه على ضمان حقوقهم وصون حرياتهم، فالقياس غير صحيح والربط غير منطقى.

ومن ناحية أخرى تظل الانجازات التى حققتها المملكة فى مجال الاعلام وحريته وضمان حياديته من أبرز المنجزات الوطنية والتى توجت مؤخرا بحصول هيئة شئون الاعلام البحرينية ممثلة فى كالة انباء البحرين لعام 2011 على الوسام الذهبي في مجال التميز والجودة في الوطن العربي والذي منحته المنظمة العربية للتنمية الإدارية بجامعة الدول العربية وأكاديمية تتويج للتميّز والجودة في الوطن العربي فى مجال الاعلام، وهو ما يمثل خير شاهد على ما حققه الاعلام البحرينى من منجزات ونجاحات تستحق الاشادة والتشجيع.

ومن هذا المنطلق، يجب على القائمين على اصدار هذه التقارير كما هو شأن الكثير من التقارير الدولية ان يراعى امرين مهمين: الاول، أن تأتى تقاريرهم نتيجة لقراءة صحيحة للمتغيرات التى تشهدها البلاد دون ان تمثل تكرارا مستمرا كل عام دون تسجيل ما يشهده الواقع العملى من تحسن وتطور ايجابى. الثانى، ان تنطلق هذه التقارير فى تقييمها لاحوال البلاد من فهم لحقائق هذه البلاد وظروفها والتحديات التى تواجهها دون ان تظل رؤيتهم محلقة فى الفضاء تبحث عن مثاليات لا توجد حتى فى الكتابات النظرية، وتفتقر اليها الدول التى تصدر بها هذه التقارير.