ايران والاستبداد الدينى: طموحات الامبراطورية الفارسية

Submitted by dody on أحد, 01/22/2012 - 20:45

ايران والاستبداد الدينى: طموحات الامبراطورية الفارسية

ليست مبالغة القول أن حكومات الدول ونهجها فى تعاملها مع مواطنيها وحقوقهم وحرياتهم تتباين وتختلف طبقا لرؤى القائمين عليها ومتحملى المسئولية لتحقيق المطالب الشعبية والطموحات الوطنية، كونهم ممثلين عن الشعب ومعبرين عن ارادته وملتزمين بحدود التفويض الذي يرسم خطى حركاتهم ويحدد طرق اداراتهم وينظم قراراتهم بما لا يمثل خروجا على الارادة الشعبية المدركة لحقوقها وحرياتها. واذا كانت الديمقراطية فى معناها وجوهرها الحقيقى تعبر بجلاء عن هذه العملية، بما تؤكد عليه من احترام الارادة الشعبية والتأكيد على العدالة الاجتماعية وسيادة القانون وصيانة الحقوق وضمانة الحريات، إلا ان التشدق بها والادعاء بممارستها وزيف تطبيقاتها ظلت الحلقة المفرغة فى ادارة العملية السياسية فى اية دولة تحاول ان تخدع الداخل والخارج بان الديمقراطية هى منهاج حكمها وهى آلية اداراتها لشئون مجتمعها، وهو ما ينطبق بصورة جلية على الاوضاع فى الجمهورية الايرانية التى تطرح جملة من المظاهر الشكلية والمؤسسات التمثيلية المفرغة من مضمونها فى ممارسة ديمقراطية حقيقية تعلى من شأن المجتمع وتحترم ارادته وتؤكد على تواصلها مع طموحاته، فصحيح هناك برلمان منتخب (مجلس الشورى الايرانى) وهناك مجالس للمراقبة (صيانة الدستور، مجلس تشخيص مصلحة النظام) وهناك قضاء ايرانى وهناك حكومة وهناك انتخابات وهناك اعلام بمختلف صوره...الخ، إلا ان كل هذه المؤسسات تدور فلك واحد حول قطب واحد يملك الحقيقية المطلقة متمثلا فى منصب "المرشد الاعلى للثورة الاسلامية" الذى يملك مفاتيح النظام الايرانى برمته ويدعى لنفسه العصمة من الخطأ بحيث يوجه الجميع ويسيطر على الكل بحجة المعبر عن الجوهر الصحيح للدين فى كيفية ادارته للدولة، متناسية قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "انتم اعلم بشئون دنياكم"، بل ومتناسين ان نظام الحكم الاسلامى قائم على التعددية وعلى التنوع وعلى الشورى وعلى احترام ادارة الشعب، ولنا فى الصحابة الكرام دليل قاطع ودامغ على كل هذا. ويأتى الحديث عن هذا كله بمناسبة الذكرى التى عاشتها ايران وكانت خطوة حقيقية على طريق الديمقراطية بنهجها السليم من خلال الثورة الخضراء التى سعت الى ان تعيد الحقوق الى اصحابها، والمقصود بها حق الشعب فى الاختيار والانتخاب وليس حق المرشد فى فرض من يتفق معه فى الرؤية والفكر دون اعتبار الى اصحاب الحقوق. وهو ما يكشف زيف الادعاءات الايرانية التى يتشدق بها المسئولون الايرانيون والاعلام الايرانى بكافة صوره عن مساندته لحقوق الشعوب، فليس اكثر كذبا من ادعائى بمنحى الحق للغير خارج سلطتى وامارس اقصى انواع الظلم والجحود والتنكيل بحقوق رعيتى المسئول عنها مخالفا لابسط قواعد الحكم الاسلامى "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته".

وعلى هذا يظل الموقف الايرانى المتخاذل داخليا وخارجيا فى مساندة اصحاب الحقوق ادانة حقيقية دون مزايدة او تقليل لنظام عاش منذ تأسيسه عام 1979 على مجموعة من الادعاءات الباطلة والحقائق المغلوطة التى تحاول ان تخاطب القلوب وليس العقول وكما قال المفكر الاسلامى عبد الرحمن الكواكبى فى كتابه طبائع الاستبداد أن الاستبداد باسم الدين هو من اخطر انواع الاستبداد واكثرها ظلما لان المستبدين فى هذه الحالة يخاطبون عالم القلوب والانفس بعيدا عن العقل مناط التكليف والمسئولية.

وليست مصادفة ان يعتمد القائمون على الحكم فى طهران على هذا النمط من الاستبداد الذى يسهل به السيطرة على الاخرين وجذبهم الى تنفيذ اجنداتهم تحت شعارات الدين والايمان والتقوى، وليس ادل على ذلك من خطاب المرشد الاعلى للثورة الاسلامية اثناء الثورة الشعبية المصرية بأنها بداية لتأسيس شرق اوسط اسلامى، فكم من المغالطات التى حواها هذا الخطاب العنصرى الذى لاقى رفضا قاطعا وادانة شديدة من جميع فئات المجتمع المصرى وطوائفه دحضا للاكاذيب الخادعة والمغالطات التاريخية. على الجانب الاخر يظل الموقف الايرانى من اثارة الفوضى ودعم بعض الخارجين على القوانين الوطنية فى بلدان الخليج مثال اخر على توظيف ايران للاستبداد فى جانبه الدينى من اجل تحقيق مصالحها الذاتية وطموحاتها الفارسية، فما الدين إلا وسيلة لتحقيق الامبراطورية الفارسية المزعومة فى خيال القائمين على الحكم، وهو ما يحتاج الى حديث آخر نكمله فيما بعد.