البحرين وتقرير التنمية البشرية لعام 2011: استمرارًا على النهج وحفاظًا على التقدم

Submitted by dody on اثنين, 01/16/2012 - 01:08

البحرين وتقرير التنمية البشرية لعام 2011: استمرارًا على النهج وحفاظًا على التقدم

هديل خاطر

باحثة فى الشئون العربية

ليس مصادفة أن تحظى مملكة البحرين بمكانة متميزة فى تقرير التنمية البشرية لعام 2011 الصادر عن برنامج الامم المتحدة الانمائى، والذى يعد دون مبالغة واحد من اهم التقارير العالمية الذى يحظى باهتمام دولى واسع النظير، باعتباره أحد أهم معايير التقييم لجهود الدول في مجالات الاهتمام والعناية باحتياجات مواطنيها الإنسانية، حيث يعتمد التقرير فى ثنايا دراسته وتقييمه للدول على مجموعة من المعايير الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، من قبيل متوسط العمر المتوقع عند الولادة ومتوسط سنوات الدراسة ومتوسط الدخل الفردي، فضلا بالطبع عن الحريات المدنية والسياسية ومؤشرات التمكين الأخرى من قبيل إجراء الانتخابات والقدرة على التغيير واللامركزية الديمقراطية والالتزام السياسي وغير ذلك الكثير. فقد جاءت المملكة في المرتبة الثالثة عربيا وفي المرتبة الـ 42 عالميًا على سلم مؤشر التنمية البشرية من بين 187 دولة من دول العالم التى يتضمنها التقرير، محتفظة بموقعها ضمن الدول ذات التنمية البشرية العالية جدا خلال العقدين الأخيرين، ولم يسبقها في سلم الترتيب وبمقادير محدودة سوى دول العالم المتقدم كالنرويج واستراليا وهولندا، حيث أن قيمة الدرجة التي نالتها المملكة على سلم المؤشر بلغت 0,806 درجة بفرق لا يزيد على 0,137 درجة على الدولة الأولى عالميا، وبنحو 0,04 درجة فقط عن الدولة الأولى خليجيا وعربيا. وهو ما يعنى ان المملكة استطاعت -خلال الفترة من 1990 تاريخ صدور أول تقرير للتنمية البشرية إلى إعلان صدور آخر تقرير عام 2011 وفقا لما كشف عن التقرير- من تحقيق العديد من مظاهر التقدم، مشيرا إلى أن قيمة درجتها في التصنيف العالمي لم تتجاوز عام 1980 أكثر من 0,651 ووصلت عام 1990 إلى 0,721 ثم 0,773 عام 2000 وإلى نحو 0,795 و0,805 عامي 2005 و2009 على التوالي، وهي القيمة التي احتفظ بها مؤشرها عام 2010 أيضًا، وذلك في المركز الـ39 عالميًا والأولى خليجيًا وعربيًا، وهو ما يكشف عن ثلاثة ملاحظات مهمة واجبة التسجيل:

أولاً- تكشف القراءة السريعة للمؤشرات التى سجلها التقرير بشأن المملكة طبقا لمعاييره عما يلى:

  • شغلت المملكة المركز الـ44 عالميا على مؤشر المساواة أو التكافؤ بين الجنسين سواء في مجال التعليم أو العمل أو الخدمات الصحية أو المقاعد بالبرلمان.
  • لم تدرج المملكة على مؤشر الفقر المتعدد الأبعاد، حيث القضاء تماما على ما يسمى الفقر المدقع والجوع، وهو من ضمن أهداف الألفية الإنمائية المحققة بالكامل في المملكة، والتي توصف بأنها غير مناسبة للبحرين أو لا تنطبق عليها بسبب السياسات الحكومية المعتمدة والتي تقوم على توفير الخدمات الأساسية بشكل مجاني للجميع.
  • تمكنت المملكة من تحقيق طفرة هائلة على صعيد التنمية البيئية المستدامة، حيث حقق مؤشر الأداء البيئي الخاص بها، وهو مؤشر فرعي جديد تبناه تقرير العام الأخير، نحو 42 درجة، وتجاوزت نسبة تعليم الكبار أكثر من 90%، وذلك بما يفوق معدل الـ106 في التعليم الابتدائي و96% في المرحلة الثانوية.
  • وحول معدل التدفق الاستثماري، اعتبر التقرير أن المملكة حققت معدلا يتجاوز 1,2% من الناتج المحلي الإجمالي، وتجاوز الإنفاق العام على كل من الخدمات التعليمية والصحية نحو 4,5% من الناتج المحلي الإجمالي.
  • وصل متوسط العمر المتوقع عند الولادة إلى نحو 76 عاما.
  • وصل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 28240 دولارا أمريكيا.
  • تجاوز نسبة السكان الذين تشملهم شبكة الهاتف النقال الـ100، وتصل نسبة النمو لمستخدمي الانترنت بحسب عدد السكان إلى نحو 90.7.
  •  تصل نسبة العاملين إلى مجموع السكان من الفئة العمرية الممتدة بين 15 و64 عاما إلى نحو 61%.

ثانيًا- تنبع اهمية هذه المؤشرات التى نالتها المملكة فى هذا التقرير وغيره من التقارير الدولية من واقع يدركه الجميع أن البحرين وفقا للموارد المتاحة التى لا تقارن بالموارد التى تملكها دول عربية اخرى سواء خليجية او غير خليجية، تمكنت من تعظيم الاستفادة بتلك الموارد المحدودة بصورة أكدت على حسن التخطيط وجودة الاداء التى تميزت بها عملية ادارة البلاد بصورة كفئة وفقا لقواعد المنهجية العلمية والشفافية بعيدا عن الفساد بمختلف صوره السياسية والادارية.

ثالثا- يعكس التطور البحريني في التصنيف الدولي للتنمية البشرية مدى النجاح والتقدم المستمر الذي حققته الحكومة البحرينية بجهودها ومنجزاتها الوطنية على مختلف المستويات وفى كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والخدمية والصحية، فضلا عن الجهود المضنية فى سبيل ارساء مبادئ الديمقراطية الحقيقية وسيادة القانون، وذلك كله رغم ما مرت به من أحداث مطلع العام الماضي، فضلا التداعيات التي مازالت تعاني منها بعض الدول بسبب الأزمة المالية العالمية ولم ينج منها سوى القليل من الدول.

خلاصة القول ان مملكة البحرين بقيادتها السياسية وحكومتها الوطنية بما تضمه من نخبة علمية وخبرات عملية وكفاءات ادارية استطاعت ان تجتاز مشكلاتها وازماتها التى ألمت بها فى مطلع هذا العام ضاربة المثل والقدوة للكثير من الدول العربية التى ما زالت تفتش عن مسارات تسلكها للخروج من ظلمتها الحالكة، وقد ساعد فى جهودها وعزز من مجهوداتها ما يتميز به المجتمع البحرينى من حفاظه على لحمته الوطنية ووحدته المجتمعية ومسيرتة النهضوية التى شارك فيها منذ الاف السنين مدركين ان الحفاظ على المستقبل يبنى على ضمان مسيرة الحاضر وفق قراءة صحيحة لاحداثه ومعالجة حقيقة لقضاياه ومشكلاته.