مرئيات فى البحرين من الحوار الى الاستقرار

Submitted by dody on اثنين, 12/26/2011 - 00:02

مرئيات فى البحرين من الحوار إلى الاستقرار

عطا السيد الشعراوى

خبير فى الشئون العربية

من الأحداث التي سيخلدها تاريخ مملكة البحرين على غرار مثياق العمل الوطني الذي جاء به عاهل البلاد الملك " حمد بن عيسى آل خليفة " في عام 2001 م يأتي حوار التوافق الوطني في مقدمتها حيث كان هو الآخر تعبيرًا عن إرادة شعبية واسعة ورغبة مجتمعية مخلصة في تجاوز محنة صعبة وازمة قاسية مرت بها البلاد .

لقد انعقد الحوار في أجواء مثالية وتوفر له من الظروف والمقومات ما مكنه من الخروج بمجموعة من المرئيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والحقوقية ، وقد جاء انسحاب الوفاق منه ليضيف له قوة ومتانة أكبر بعد أن بات الجميع مقتنعًا وموقنًا بأنها تعمل لغير صالح الوطن ، ومن ثم هيأ انسحابها للمجتمعين ظروف أفضل للخروج بمرئيات وطنية تعبر عن مكونات وأطياف المجتمع الحقيقية.

لهذا لم يتوان رئيس الوزراء الأمير "خليفة بن سلمان آل خليفة " في وضع الخطط التشغيلية والتنفيذية لأجل وضع هذه المرئيات موضع التطبيق الفعلي وبأسرع وقت ممكن وعلى أفضل نحو ، وهو ما قد كان بالفعل إذ انتهت الحكومة من إنجاز المرئيات بحلول الرابع من أكتوبر وهو موعد الانعقاد الثاني للفصل التشريعي الثالث.

إن نظرة تحليلية لمرئيات حوار التوافق الوطني تؤدي بنا إلى نتيجة مفادها أن تلك المرئيات تعد استجابة لمتطلبات واحتياجات المواطن، ومن هنا كان اهتمام رئيس الوزراء بالتنفيذ الدقيق والمحكم لها باعتبارها الطريق الصحيح لاستكمال مسيرة التطوير وتحقيق الرخاء والازدهار .

فعلي الصعيد السياسي، سيشهد المستقبل تفعيلا وتقوية للدور الذي تقوم به  السلطة التشريعية وهي السلطة التي تعبر عن صوت المواطن وتقويتها يصب في صالحه ، حيث ان المرئيات التي توافق عليها المشاركون في الحوار تعد من أبرز الآليات التي ستضمن التوسع في صلاحيات المجلس المنتخب سواء التشريعية أو الرقابية، كمنح أعضاء المجلس آلية طرح موضوع عامة للمناقشة في جلسة المجلس، وعقد الاستجوابات في جلسة المجلس بدلا من مناقشتها في اللجان لضمان أكثر فعالية لهذه الاستجوابات.

فضلا عن ذلك، تأتى الموافقة على إلزام الوزراء بحضور جلسات المجلس لمناقشة مواضيع وزاراتهم ضمن المقترحات المتميزة لضمان الفاعلية والتواصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من ناحية، وتعميق الممارسة الرقابية للبرلمان على أعضاء الحكومة بصورة تعطى للطرفين حق الدفاع عن وجهة نظرهم دون تجاهل أو عدم اكتراث من ناحية أخرى.

وعلى الصعيد الاقتصادي ، خرج المشاركون في حوار التوافق الوطني بحزمة من السياسات لتعزيز تنافسية الاقتصاد البحريني شملت العديد من المحاور، أبرزها: التهيئة القانونية والسياسية، إصلاحات وتسهيلات حكومية، دعم القطاعات الإنتاجية (القطاع الصناعي، القطاع السياحي، القطاع العقاري)، التعليم والتدريب، التمكين الاقتصادي.

كما توصل المشاركون في الحوار إلى عدد من الركائز الأساسية تقوم عليها التنافسية المستهدفة، تمثلت في: الاهتمام بالموارد البشرية الوطنية، التركيز على الإنتاجية والكفاءة وأخلاقيات العمل ونشر ثقافة الجودة والتميز في الأداء المؤسسي، العمل على تطوير وتحديث التشريعات والقوانين المنظمة لمختلف القطاعات الاقتصادية، مكافحة الفساد الإداري والمالي بفاعلية، وذلك من خلال تفعيل توصيات الجهات الرقابية وفى مقدمتها ديوان الرقابة المالية والإدارية، مع تعزيز ثقافة الحوكمة والمساءلة والشفافية، دعم جهود تمكين المرأة البحرينية اقتصاديا.توفير البيئة السياسية المستقرة والأمن، وتفعيل دور مجلس التنمية الاقتصادية في مجال التخطيط الاستراتيجي للاقتصاد البحريني.

وعلى الصعيد الاجتماعي ، خرج حوار التوافق الوطني بمجموعة من المرئيات التي سيكون لها عظيم الأثر في تقوية وترسيخ مؤسسات المجتمع المدني وتوفير أفضل الأجواء كي تنهض بدورها على أكمل وجه ممكن بوصفها أحد أهم دعائم الحياة الديمقراطية والارتقاء بحياة المواطنين، ومن بين تلك المرئيات:وضع استراتيجية لعمل الجمعيات الأهلية والمهنية وتطوير أدائها، والتأكيد على الشراكة المجتمعية بين مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الرسمية ، وذاتية التمويل بدل من الاعتماد على التمويل الحكومي، وعمل دراسة تقييميه لفاعلية الجمعيات تترتب عليها وضع إجراءات بشأنها ، وسن تشريعات جديدة للنقابات العمالية ، ووضع الضوابط المنظمة لعمل الجمعيات الخيرية، وتوظيف معاملات الحكومة الالكترونية في التعامل مع الجهات الأهلية، ودعم إنشاء مقار للجمعيات الأهلية .

ومن القضايا التي نالت اهتمامًا خاصًا في هذا السياق ، كيفية تفعيل دور الشباب وحل مشكلاتهم وهمومهم، حيث إن المرئيات التي تم التوافق عليها بين المشاركين في جلسات الحوار تعالج جميع قضايا الشباب واهتماماتهم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ودينيا وتعليميا وترفيهيا وتثقيفيا....الخ وتهدف إلى دعم الشباب ماديًا ومعنويًا ، ومن بين تلك المرئيات : تعزيز الثقافة السياسية لدى الشباب برعاية معهد التنمية السياسية، والسعي لتمثيل الشباب في المجلس الأعلى للشباب والرياضة، واستقطاب المؤسسات الشبابية الدولية وتوظيف خبراتها لشباب البحرين تحت رقابة الجهات المعنية ، وتطوير البنية التحتية الشبابية ، وإشراك الشباب في وضع الخطط الاستراتيجية ، وتحسين مستوى معيشة الشباب، ورعاية الشباب رياضياً وثقافياً واجتماعياً، وتوفير التشريعات اللازمة لهم للمشاركة في التعاطي مع قضاياهم ومع شؤون المجتمع والوطن.

وكان للتعليم نصيب ملحوظ من الاهتمام من جانب المشاركين في حوار التوافق الوطني الذين خرجوا بمرئيات عدة لتطوير التعليم وربطه بسوق العمل ومن بين تلك المرئيات التأكيد على دور اللجنة الوطنية لتطوير التعليم وتعزيز دور الشباب في العملية التعليمية ، وربط المخرجات التعليمية باحتياجات سوق العمل ، وتطوير آلية دفع المكافآت المخصصة للطلبة الجامعيين.

خلاصة القول ، إن دعم مساعي رئيس الوزراء وحكومته في تنفيذ مرئيات حوار التوافق الوطني هو الطريق الآمن نحو الرخاء والاستقرار