البحرين وتقرير منظمة الشفافية الدولية.... دحضًا للأكاذيب والادعاءات

Submitted by dody on جمعة, 12/23/2011 - 01:11

البحرين وتقرير منظمة الشفافية الدولية.... دحضًا للأكاذيب والادعاءات

---

عطا السيد الشعراوى

باحث فى الشئون العربية

ليست مصادفة أن يُولى العالم اجمع اهتماما كبيرا بقضية الفساد وخطورته، كونه العقبة الكؤود امام خطط التنمية واستراتيجياتها، ليس فقط فى الدول التى ترتفع فيها مستويات الفساد ومدركاته، بل تمتد آثاره وتداعياته على جميع دول العالم، ففيما يعيشه عالم اليوم من عولمة جعلت العالم كله اقرب الى قرية صغيرة ازدادت فيها الروابط والتاثيرات المتبادلة مع ما صاحبها من ثورة معلوماتية اتسع نطاقها وازدادت تعمقا فى سرعة نقل الاخبار والاموال والبشر  فضلا عن دورها فى تسهيل المعاملات بمختلف صورها واشكالها. بما فرض على الجميع ان يدرك خطورة هذه الظاهرة واهمية مكافحتها بصورة جماعية ادراكا انه من الصعوبة بمكان على اية دولة بمفردها ان تتخذ الاجراءات كافة الضرورية لمواجهتها ومحاربة مرتكبيها ومعاقبتهم، خاصة مع تطور اشكال الفساد ومظاهره. وهو ما ادركه العالم فى اهمية توحيد الجهود وتنسيق الاعمال وترابط الخطوات. واذا كان صحيحا ان مكافحة هذه الظاهرة يحتاج الى التكاتف الدولى والتعاون الاقليمى، فإنه من الصحيح كذلك انه يحتاج فى المقام الاولى الى الجهود المحلية التى يجب ان تبذلها كل دولة داخل حدودها فى مواجهة هذه الظاهرة بأشكالها المختلفة وخصوصًا المالي والإداري وأيضًا السياسي،  ومكافحة وجودها على المستويات كافة بدءا من اصدار التشريعات والقوانين المجرّمة لهذه الاعمال، مرورا بتأسيس الاجهزة والكيانات والمؤسسات واللجان القادرة على وضع السياسات والخطط والقيام بتنفيذها ومتابعة التنفيذ لمواجهة هذه الظاهرة، وصولا الى العمل على نشر الوعى لدى الجميع بخطورة هذه الظاهرة وتداعياتها السلبية على مجتمع قطاعات المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية مع ابراز الموقف الاخلاقى والدينى من هذه الظاهرة. وهو ما كشفت التجربة البحرينية بجلاء فيما انتهجته من سياسات وما سنته من تشريعات وما اقامته من مؤسسات وما قدمته من خبرات جعلها تحظى بمكانة متميز على مدركات الفساد طبقا للتصنيف الذى تصدره منظمة الشفافية الدولية فى تقريرها السنوى والذى يصدر متزامنا مع اليوم العالمى لمكافحة الفساد فى اوائل ديسمبر من كل عام، حيث تكشف النظرة السريعة إلى إلى ما تضمنه تقرير العام 2011  – الذي يغطي 183 دولة ـ بدءًا من الدرجة صفر (فاسد للغاية) إلى الدرجة 10 (نظيف للغاية)، بناءً على مستويات الفساد المدركة في القطاع العام، سنجد أن مملكة البحرين حققت تصنيفًا جيدًا على المستوى العالمي مقارنة بدول أخرى أكثر تقدمًا، فقد احتلت  الترتيب الـ 46 عالميًا والثالث خليجيًا (بعد قطر والإمارات) في مؤشر مدركات الفساد للعام 2011، بواقع 5.1 من 10 نقاط من درجات المؤشر، هو ما يعني تحسن ترتيب البحرين مرتبتين عن العام الماضي، إذ جاءت في الترتيب 48 عالميًا، كما تحسنت في ترتيبها الخليجي، بعد أن جاءت في الترتيب الرابع في العام 2010، وترافق ذلك مع تحسنها في عدد النقاط، إذ حصلت في العام الماضي على 4.9 نقاط.

ويرجع الفضل فى ذلك الى ما اتخذته الحكومة البحرينية من سياسات منهجية هدفت إلى ارساء الاصلاح فى مختلف المجالات، فضلا عن اجراءات الرادعة فى محاسبة كل من يثبت تورطه فى ارتكاب ممارسات تخالف القوانين والتشريعات، اضافة إلى جهودها فى اقامة المؤسسات القادرة على ارساء الشفافية فى التعامل والمصداقية فى الاداء والارتقاء فى تقديم الخدمات، ومن أبرز تلك الانجازات ما يلى:

ـ إصدار قانون "الكشف عن الذمة المالية" في يونيو 2010 الذي شمل الوزراء وكبار المسؤولين؛ حيث يقر بشمولية الإجراءات للمسؤولين في كافة المواقع بالقطاعين الحكومي والأهلي. ومن أبرز الحالات التي طبق عليها هذا القانون إصدار الملك يوم 22 مارس 2010 مرسومًا ملكيًا يقضي بإعفاء وزير الدولة "منصور بن رجب"، عقب أيام من استدعائه والتحقيق معه فيقضيةغسل أموال متحصلة من تجارة الأسلحة والمخدرات مقابل الحصول على عمولات.

-إنشاء"ديوان الرقابة المالية" بموجب المرسوم الملكيبقانون رقم(16) لسنة2002كجهاز مستقل ماليًاوإداريًاعن السلطتين التشريعية والتنفيذية. وحرصا على استقلالية الجهاز وضمان فعاليته، أصدر العاهل البحرينى في 14 نوفمبر 2010، المرسوم رقم (49) بتعديل بعض أحكام قانون "ديوان الرقابة المالية"؛ إذ نص على إلحاق الرقابة الإدارية إلى الديوان، بتعديل مسماه إلى "ديوان الرقابة المالية والإدارية" وأن يلحق به مهام التحقق من تنفيذ القوانين والقرارات الإدارية والرقابة على أداء الجهات الخاضعة للرقابة.

- تأسيس "مجلس المناقصات" بموجب المرسوم الملكيبقانون رقم (36) لسنة 2002بشأن المناقصات والمشتريات الحكومية وتعديلاته،والذي يعمل على حماية المال العام وضمان الكفاءة والعدالة والنزاهة والمنافسة فيإجراء عمليات المناقصات والمشتريات الحكومية.

- إنشاء إدارة عامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني بوزارة الداخلية، خطوة من الخطوات الحكومية الجادة لمراقبة ورصد أوجه الفساد المالي والإداري في جميع الأصعدة.

خلاصة القول أن ما شهدته المملكة خلال العشر سنوات الاخيرة منذ انطلاق المشروع الاصلاحى للعاهل البحرينى يكشف عن جهود مضنية تبذلها الحكومة البحرينية فى سبيل الارتقاء بالمملكة الى مصاف الدول العصرية التى تحترم مواطنيها وتعلو من قدر حرياتهم والمحافظة على حقوقهم دون تزيدات او مبالغات غير حقيقية، وهو ما يمثل ردا حقيقيا ومنهجيا وعلميا على ما يثيره البعض سواء فى الداخل او الخارج عن وجود تجاوزات او انتهاكات حكومية ممنهجة ومقصودة ومتعمدة، فصحيح ان العمل البشرى غير معصوم من الخطأ بما يجعل من الرقابة والمتابعة ادوات فعالة لتصحيح المسار والالتزام بالنهج، فإنه من الصحيح أيضا ان الادعاءات الكاذية التى تطلقها المعارضة تواجه بحقائق واقعية وتقارير دولية تقف محايدة دون محاباة لطرف على حساب طرف آخر، وآخرها تقرير منظمة الشفافية الدولية الذى اثبت صحة النهج ومصداقية المنهجية المتبعة من جانب الحكومة البحرينية.