البحرين فى تقرير هيومن رايتس فرست ...وخطأ الاحكام المسبقة

Submitted by dody on سبت, 12/17/2011 - 22:48

البحرين فى تقرير هيومن رايتس فرست... وخطأ الاحكام المسبقة

---

هديل خاطر

باحثة فى الشئون العربية

فى خطوة ربما تكشف عن مواقف خافية وسياسات مغرضة واحكام مسبقة، جاء تقرير منظمة "هيومن رايتس فرست" الامريكية بشأن الاوضاع فى مملكة البحرين ما بعد تقرير لجنة تقصى الحقائق البحرينية الذى تميز بالحرفية والمهنية التى شهد بها الجميع، فقد حمل تقرير المنظمة الذى أعده ""براين دوولي" عنوان "لا مزيد من الأعذار- حان الوقت لتغيير جذري في البحرين"، ليطرح تساؤل حول ما تضمنه من معلومات وما كشف عنه من حقائق وما رصده من سياسات. وإلى اى مدى جاءت متطابقة مع الواقع واحداثه؟

بداية، يجدر الاشارة إلى اهم ما خلص إليه هذا التقرير من آراء وما انتهى اليه من استناجات فى ضوء زيارة معده إلى المملكة، حيث أشار التقرير إلى أنه "لم يتغير الكثير في الأسابيع التي تلت قيام لجنة التحقيق المستقلة بنشر نتائج تحقيقاتها والتي كشفت عن قيام حكومة البحرين بالعديد من انتهاكات حقوق الإنسان البشعة- والتي تتضمن آلاف الاعتقالات غير القانونية، وعمليات تعذيب على نطاق واسع في الحجز، بالإضافة إلى اعترافات قسرية وحالات قتل أثناء الحبس".

الحقيقة ان ما ورد فى هذا التقرير دون الدخول فيما يعرضه من تفاصيل، تستوجب تسجيل ملاحظتين مهمتين يُمكن فى ضوءهما فهم ما يجرى فى المملكة، وذلك على النحو التالى:

اولا- ليست مصادفة أن يأتى تقرير المنظمة كما يقول معده فى ضوء رصده لحقائق الواقع خلال زيارته إلى المملكة، وهو ما يكشف عن امرين مهمين: الاول، أن المملكة حينما سمحت لمسئولى المنظمة بزيارتها والوقوف على جهودها وانجازاتها لم تكفل لتفعل ذلك لولا ادراكها لصحة مواقفها وسلامة سياساتها وقانونية اجراءاتها، فالخبرات الدولية تكشف عن ان الدول لا تفتح حدودها لاستقبال مثل هذه الزيارات بكامل ارادتها إذا كانت تعلم ان ثمة مخالفات وتجاوزات اُرتكبت، وهو ما ينتفى مع واقع المملكة وسياسة قيادتها وحنكة حكومتها، ولذا فقد رحبت بهذه الزيارة بل وفتحت مؤسساتها إلى مسئوليها ولكن الامر يتوقف على حسن النيات والمقاصد. الثانى، لا شك أن معد التقرير حينما سجل مثل هذه الاحداث استقى معلوماته إما من مصادر ذاتية قائمة على اسلوب الحكى من جانب بعض الافراد دون تقديم الادلة والبراهين على ذلك، وإما وقع فى شرك التضليل من بعض الوثائق التى قدمتها له المعارضة البحرينية والتى تنتسب إلى ما قبل صدور تقرير تقصى الحقائق والتى ادانها التقرير ووعدت الحكومة بمعالجتها ومحاسبة مرتكبيها.

ثانيا- ليس صحيحا ادعاءات التقرير بتقاعس الحكومة البحرينية عن تنفيذ التزاماتها او انتهاج سياسات تنتهك حقوق الانسان البحرينيى، بل الواقع وسجلاته وشهادات الجميع تكشف عن سرعة الحكومة البحرينية باتخاذ اجراءات حاسمة وفعالة من اجل وضع توصيات لجنة تقصى الحقائق موضع التطبيق دون ابطاء او تأخير، وهو ما اتضح فى العديد من المظاهر، أبرزها:

  1. توقيع وزارة الداخلية البحرينية مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر فى اوائل ديسمبر مذكرة تفاهم تتمكن المنظمة الدولية بموجبها من زيارة الموقوفين بالسجون البحرينية، ويأتي توقيع هذه المذكرة في إطار جهود الحكومة البحرينية الذي يهدف إلى الارتقاء بنظامها الأمني ليكون متوافقا مع مبادئ حقوق الإنسان. وجدير بالاشارة انه قد تمت اقالة رئيس جهاز الامن الوطنى فى ضوء اسراع الحكومة بتنفيذ التزاماتها.
  2. قيام الحكومة بإنشاء صندوق خاص لتقديم تعويضات لجميع المتضررين.
  3. طرح عدد من التعديلات القانونية على السلطة التشريعية والتي من شأنها تعزيز حرية التعبير وتعريف التعذيب وتجريم أنواعه وتشديد عقوبات مرتكبيه في قانون العقوبات مع إزالة أي قيود على فترة تقديم شكاوى التعذيب وفقاً للقوانين الدولية لحقوق الإنسان.
  4. تأسيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان لضمان استقلاليتها وللقيام بعملها على أكمل وجه لتكون مهمتها ترويج وتعزيز حقوق الإنسان في مملكة البحرين وذلك وفقاً لمبادئ باريس التي تمثل المعايير الدولية التي يتم على أساسها تقييم مؤسسات حقوق الإنسان في العالم، ووفقاً لتوصيات اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق.

فى ضوء ما سبق، نخلص إلى القول أن الخطوات التى اقدمت عليها الحكومة البحرينية فى اطار تنفيذها لتوصيات تقرير لجنة تقصي الحقائق يؤكد على جدية الحكومة والتزاماتها وتبنيها النهج السليم من أجل استكمال المشروع الاصلاحى للعاهل البحرينى. ولكن، الازمة التى يثيرها البعض والادعاءات التى يطرحونها بشأن وجود انتهاكات او اعتداءات من جانب الحكومة البحرينية امر يتنافى وحقائق الواقع التى تؤكد على الفهم الخاطئ والتفسير المضلل من جانب المعارضة لسياسات الحكومة، وهو ما يستوجب من الجميع سواء داخليا او خارجيا أن تكون قراءته للحقائق والوقائع قراءة حقيقية منطلقة من تقييم الواقع دون تهويل او تهوين من ناحية، وأن ينظر فى افكار وسياسات جميع الاطراف من ناحية أخرى، فاذا كان صحيحا ان الحكومة قد ابدت حسن النية منذ اللحظة الاولى لطرح التقرير وهو ما برز فى الموقف المتميز الذى عبر عنه العاهل البحرينى بترحيبه بنتائج التقرير بل والاسراع فى اتخاذ الخطوات الحقيقة لوضع توصياته موضع التطبيق، فانه من الصحيح أيضا ان جمعيات المعارضة لم تتقدم خطوة واحدة نحو تصحيح مساراتها وتقويم سلوكياتها فى ضوء نزاهة التقرير وحياديته فى ادانته للطرفين (الحكومة والمعارضة)، ففى حين اعلنت الحكومة عن مسئولياتها واقرت بتحملها كاملة، ظلت المعارضة أسيرة لقراءتها للأوضاع بشكل خاطئ.