الحكومة البحرينية فتحت أبوابها للجنة تقصى الحقائق

Submitted by dody on أربعاء, 11/23/2011 - 01:23

الحكومة البحرينية فتحت أبوابها للجنة تقصى الحقائق

عطاالله الشعراوى

خبير فى الشئون العربية

إن البيان الصادر عن مجلس الوزراء أمس الاثنين بشأن تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق المقرر تسليمه لعاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة يوم غد الاربعاء يكشف عن حقائق عدة أولها أهمية تشكيل اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق، حيث عكست تلك الخطوة الرغبة الأكيدة من جانب العاهل البحريني في معرفة كل تفاصيل أحداث فبراير ومارس، وتقييم تلك الأحداث على حقيقتها، خاصة في ظل وقوع ضحايا للعنف الذي حدث، ووجود اتهامات واتهامات مضادة حول أسباب ونوعية وكيفية حدوث ذلك العنف، لذا كانت هذه الخطوة بمثابة توثيق لتلك المرحلة المهمة بالنظر إلى خطورتها الكبيرة وأحداثها الجسيمة وتداعياتها الكثيرة ، وكان من الضروري أن يكون هذا التوثيق على ايدى اشخاص وكفاءات مستقلة تتمتع بسمعة دولية كبيرة كي تكون النتائج موضع قبول من جميع الأطراف ومختلف الأطياف وغير قابلة لأي تشكيك .

لقد اضاف تشكيل لجنة تقضي الحقائق شكلاً جديداً وبعد مهم لحماية حقوق الإنسان في مملكة البحرين يقوم على إشراك المجتمع الدولي بأشخاصه ومنظماته الموثوق بها والمقبولة عالميًا كي تكون شاهدًا وفاعلاً في تطوير مسيرة حقوق الإنسان وإعطاء كل ذي حق حقه ، وهو أمر يعطي التجربة البحرينية ثقلاً دوليًا.

ولأهمية تقرير اللجنة في رسم ملامح المستقبل وطي هذه الصفة القاتمة من تاريخ مملكة البحرين ، حرص الامر الملكي على منح اللجنة كامل الصلاحية لتحقيق اهدافها بتقصي الحقيقة دون قيود ودون استبعاد اي مسألة عن نطاق التحقيق وكفل لاعضائها الحصانة القانونية ، وهو الأمر الذي كان موضع إشادة من البيان الصادر عن مجلس الوزراء أمس.

الحقيقة الثانية التي يكشف عنها البيان هي دور الدعم الحكومي في إنجاح مهمة لجنة تقصي الحقائق وهو الأمر الذي اعترف به رئيس اللجنة الدكتور شريف بسيوني نفسه حين قال إنهم لم يتمكنوا من تحقيق وإنجاز الكثير وبهذه السرعة الزمنية دون التعاون الموجود مع الجهات الحكومية. فبمجرد صدور الأمر الملكي رقم 28 لسنة 2011 بإنشاء اللجنة الملكية المستقلة للتحقيق في أحداث شهري فبراير ومارس في مملكة البحرين، سارع رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة إلى التأكيد على أن الحكومة ستتعاون مع لجنة تقصي الحقائق إلى ابعد الحدود من أجل تمكينها من الاضطلاع بالمهام الموكلة إليها.

وكما أكد البيان الصادر عن مجلس الوزراء امس ، فقد فتحت الحكومة ابوابها للجنة لممارسة مهامها بكل حرية وقدمت المعلومات المطلوبة بشفافية تامة وتفاعلت الجهات الحكومية بفتح الملفات المطلوبة أمام اللجنة، وحرية الوصول الكامل إلى تلك الجهات ومقابلة المسؤولين ومراجعة الملفات.

ولاشك في أن هذا الدعم الحكومي للجنة يؤكد ثقتها في سلامة إجراءاتها أثناء الأزمة وشفافية تلك الإجراءات وملائمتها لطبيعة الظرف الذي مرت به البلاد.

والملاحظ أن البيان نفسه اعترف بوقوع أخطاء من جانب بعض الأجهزة الحكومية ، وهذا أمر يؤكد أن هذه التجاوزات التي وقعت سواء من قبل بعض الأفراد في أجهزة الأمن أو المؤسسات الحكومية لا تعبر بحال من الأحوال عن سياسة دولة أو توجه حكومة وإنما تجاوزات فردية نتجت عن اجتهادات فردية وتصرفات شخصية تحت ضغط ووطأة الأزمة وشدتها ، إضافة إلى أن الحكومة سارعت باتخاذ الإجراءات اللازمة لتعويض المتضررين سواء بإنشاء صندوق تعويض ضحايا الأحداث أو تشكيل لجنة للنظر في إعادة المفصولين أو تحويل 20 من رجال الامن المتورطين في تعذيب المعتقلين الى القضاء.

هذه الإجراءات وغيرها تؤكد ما أشار إليه البيان من أن ان الحكومة لا يمكنها السكوت عن سوء المعاملة او الاساءات من قبل المسئولين فلا حصانة لاحد بل ان جميع المخالفين سيكونون مسئولين عما ارتكبوه من مخالفات. إن الاعتراف بالخطأ هو أول طريق الإصلاح وهذا ما يجب أن يكون نهجًا وسلوكًا لجميع الأطراف وليس الحكومية فقط من أجل تجاوز الأزمة وأحداثها .

الحقيقة الثالثة التي حملها البيان هي أن المستقبل سيشهد تفعيلا وتقوية للدور الذي تقوم به السلطة التشريعية وهي السلطة التي تعبر عن صوت المواطن وتقويتها يصب في صالحه ، حيث ان المرئيات التي توافق عليها المشاركون في حوار التوافق الوطني تعد من أبرز الآليات التي ستضمن التوسع في صلاحيات المجلس المنتخب سواء التشريعية أو الرقابية، كمنح أعضاء المجلس آلية طرح موضوع عامة للمناقشة في جلسة المجلس، وعقد الاستجوابات في جلسة المجلس بدلا من مناقشتها في اللجان لضمان أكثر فعالية لهذه الاستجوابات. فضلا عن ذلك، تأتى الموافقة على إلزام الوزراء بحضور جلسات المجلس لمناقشة مواضيع وزاراتهم ضمن المقترحات المتميزة لضمان الفاعلية والتواصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من ناحية، وتعميق الممارسة الرقابية للبرلمان على أعضاء الحكومة بصورة تعطى للطرفين حق الدفاع عن وجهة نظرهم دون تجاهل أو عدم اكتراث من ناحية أخرى. وهذا يعني كما أكد البيان أن نواب الشعب الان في وضع افضل من اي وقت مضى من حيث قدرتهم على القيام بالتدقيق في عمل الحكومة مما يضمن قدرا اكبر من الانفتاح والمساءلة.

الخلاصة من البيان الصادر عن مجلس الوزراء هي أن حكومة مملكة البحرين تسير بالاتجاه الصحيح سواء من حيث اتخاذ الإجراءات اللازمة لتجاوز جميع الآثار والتداعيات التي خلفتها أزمة 14 فبراير وما تلاها ، أو من حيث سن التشريعات والقيام بالخطوات التي تضمن مستقبلاً أكثر أمنًا وإشراقًا وخاصة عبر تنفيذ مرئيات حوار التوافق الوطني الذي كان تعبيرًا عن الإرادة الشعبية ، و خرج به من مرئيات مهمة قادرة على الانتقال بالبلاد إلى مرحلة جديدة من التقدم والنهضة والازدهار