الحكومة البحرينية ومسئوليات الشباب ما بعد الحوار الوطنى

Submitted by dody on أحد, 10/30/2011 - 01:12

الحكومة البحرينية ومسئوليات الشباب ما بعد الحوار الوطنى

احمد ابراهيم

باحث اجتماعى

ليست مصادفة أن يولى القادة والمسئولون في مختلف دول العالم النامى والمتقدم على السواء جُل اهتمامهم بالشباب وقدراتهم، وأن يضعوا آمالهم وطموحاتهم نصب اعينهم، فالشباب همعمادأيأمةمنالأمم‏,‏وسرنهضتهاوبناةحضارتها، وهم  حماةالأوطانوالمدافعونعنحياضها‏,‏كونهم القوة البدنية والعقلية القادرة على حمل لواءالدفاععنالوطنحالالحرب, والقادرين على البناءوالتنميةأثناءالسلم. ولم تكن القيادة السياسية البحرينية بعيدة عن هذا الادراك، فقد رسم العاهل البحرينى منذ تولية مقاليد السلطة فى اوائل القرن الحالى خريطة طريق ضمن مشروعه الاصلاحى المتميز لكيفية النهوض بالشباب البحرينى والوصول به الى العالمية فى مختلف المجالات العلمية والسياسية والاجتماعية، وهو ما حرصت عليه الحكومة البحرينية برئاسة الامير خليفة بن سلمان آل خليفة فى ترجمة هذه الخطط والطموحات والرؤى الى مشروعات وسياسات وبرامج عمل واضحة المعالم لرعاية الشباب وتفعيل دورهم في عملية التنمية الشاملة في المملكة على غرار الاستراتيجية الوطنية للشباب والتى توجت ابرز نجاحاتها فى الوصول بالعملية التعليمية الى النجاح المنقطع النظير، حيث وصلت نسبة التسجيل الى 100 بالمائة للجنسين معا في المدارس الابتدائية،  لينتقل الهدف إلى ضمان جودة العملية التعليمية في جميع المراحل. هذا فضلا عن الجهود المضنية التى يبذلها رئيس الوزراء البحرينى وحكومته  فى مجال توفير فرص العمل للشباب بتبنيها خطة طموحة لحل مشكلة البطالة من خلال المشروع الوطني للتوظيف الذي يعتبر الشباب الفئة الأكثر استفادة من ثماره الايجابية، وهو ما كان موضع اشادة دولية بما نجحت فيه الحكومة البحرينية رغم الصعاب التى تواجهها والمخططات الهادفة الى عرقلة نشاطها ومجهوداتها، فقد أشاد عضو مجلس اللوردات البريطاني اللورد "جوردن بورنفيل" بالجهود التي تبذلها الحكومة  لتأهيل الشباب للعمل، مؤكدا أثناء مخاطبته فى حلقة دراسية حول البحرين بمدينة برمنجهام البريطانية فى 12 اكتوبر 2011 بأن :"الإهتمام الذي توليه الحكومة لتشييد المنشآت التعليمية الجديدة وأيضا المشاريع والبرامج التدريبية التي تتيح للناس إكتساب المهارات التي يحتاجون إليها للحصول على فرص للعمل، ذلك أن من شأن الحصول على التدريب والفرصة الملائمة أن يحدث تحولا كبيرا في حياة الإنسان".

على الجانب الاخر وحرصًا على تعزيز روح المواطنة لدى الشباب واشراكهم في عملية صنع القرار وتنمية المجتمع المحلي ، جاء مشروع "برلمان شباب البحرين" الهادف إلى تمكين الشباب واتاحة الفرصة امامهم للمشاركة الفعالة في صناعة القرار، فى محاولة جادة من جانب الحكومة بمختلف اجهزتها على معالجة المشكلات واستطلاع الامكانات والافاق المتاحة للأجيال الشابة ومساعدتهم على اقتناصها. واذا كان صحيحا ان المراة هى نصف المجتمع وبوتقة صنع المستقبل، فإن الشباب هم نصف الحاضر وكل المستقبل كونهم المورد الحقيقي للنهوض بالأمم والسواعد المتينة التي تبني الغد المشرق في جميع دول العالم.

والحقيقة أنه على الرغم من كل تلك النجاحات المحققة إلا انها مازالت دون المأمول والمستهدف من جانب رئيس الوزراء واعضاء حكومته لادراكهم ان الطاقات الشبابية الكامنة إما ان تكون اداة بناء او معول هدم، بما يجعل من الاهمية بمكان البحث جديا عن تعظيم الاستفادة بتلك القدرات والطاقات فى استكمال مسيرة البناء والتنمية. ولكن، اذا كان من الواجب على الحكومة البحرينية ايلاء المزيد من الاهتمام والرعاية للشباب ومشاكلهم المختلفة تعليميا وصحيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، إلا انه من الصحيح ايضا انه على الشباب البحرينى ان يدرك حجم مسئولياته وضخامة اعباءه فى المشاركة الجادة والحقيقية فى ادارة المرحلة الراهنة التى تمر بها البلاد فى إطار المستجدات والمتغيرات التى تعصف بالمنطقة برمتها، فاستماع هؤلاء الشباب الى المطالب الطائفية او السير وراء الخطب العاطفية التى تخاطب القلب وليس العقل واعلاء الانتماءات المذهبية، لا يعنى سوى التراجع والانهيار والفشل فى رسم خريطة مستقبلهم وتحديد اولويات متطلباتهم. فليس صحيحا ما يذاع او ينشر فى كثير من وسائل الاعلام الخارجية ومواقع التواصل الاجتماعى أن ثمة مؤامرة او رفض لمشاركة من جانب القيادات السياسية فى المملكة لمشاركة الشباب وافساح المجال امام انطلاقاتهم، او ثمة تمييز يمارسه البعض بسبب الانتماء المذهبى او الطائفى ضد  بعض الشباب. فكل هذه الادعاءات والافتراءات ما هى إلا قنابل موقوتة يضعها الراغبون فى تحقيق مصالحهم الذاتية واهدافهم الخبيثة ضد مصالح الشعوب ومستقبل الاوطان. فعلى الشباب البحرينى العاقل أن يتفحص تلك الدعوات والشعارات بنظرة ثاقبة كاشفة عن اهدافها ومرامي اصحابها، وأن يستلهموا الخطى الصحيحة والقدوة الحسنة من النهج الاسلامى القويم ومن تاريخ الأمة الإسلامية الزاخر بالنماذج الرائعة التي لا تعد ولا تحصي من شباب الأمة في جميع مناحي الحياة, ليدركوا مسئولياتهم فى إعادة بناء أمتهم, مستفيدين فى ذلك ما وهبهم الله من قدرات كبيرة وطاقات هائلة في دفع عجلة التنمية والتقدم في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وصولا بالمملكة إلى مصاف الدول الكبري. فمن الخير لهم ولذويهم ان يكونوا ادوات بناء وتقدم بدلا من ان يصبحوا معاول هدم وتأخر.