أحزاب الله فى المنطقة العربية...هل اصبحت أدوات للسياسة الإيرانية؟: حزب الله البحرينى نموذجًا

Submitted by a.eldariby on خميس, 09/22/2011 - 16:34

أحزاب الله فى المنطقة العربية...هل اصبحت أدوات للسياسة الإيرانية؟: حزب الله البحرينى نموذجًا

أحمد طاهر

باحث فى الشئون السياسية

ليست مصادفة أن تتجلى اليد الخفية لايران وأعوانها وحلفاءها فى التدخل المباشر وغير المباشر فى الشأن البحرينى، فالتاريخ وسجلاته وأحداثه تؤكد على المطامع الإيرانية فى المملكة البحرينية وسعيها الدءوب لبسط نفوذها وسيطرتها على مقاليد السلطة فيها تطبيقًا لواحد من أهم مبادئ ثورتها والمتمثل فى تصديرها ومحاولة تطبيقها فى محيطها الجغرافى أملاً فى عودة امبراطورية صفوية جديدة فى المنطقة وإن تباينت حدودها واختلفت محاورها وولاياتها. ولذا، سعت ايران عبر سياسة ممنهجة، رسمت خطوطها وحددت خطواتها لاستكمال نجاح ثورتها، وصحيح أنها واجهت مشكلات وعقبات حالت دون تنفيذ تلك المخططات فى مواعيدها المحددة وتوقيتاتها المرسومة، إلا أنها لم تحد يومًا ما عن خططها وطموحاتها. وتأتى سياستها فى تأسيس أذرع ومنظمات تابعة لها داخل دول المنطقة واحد من الأساليب الأكثر فاعلية فى ضمان نجاح سيطرتها على شئون البلاد والعباد، فكانت منظمات أحزاب الله على غرار حزب الله اللبنانى وحزب الله الكويتى وكذلك حزب الله البحرينى وما يتكشف كل يوم من تنظيمات وإن اختلفت فى المسميات لكنها تظل متفقة فى السياسات ومتماثلة فى الاهداف ومتقاربة فى الوسائل والآليات. فقد انتهجت ايران سياسة الوجود غير المباشر من خلال تأسيس حركات ومنظمات تعمل داخل أوطانها تدين بالولاء لقيادتها ورجالاتها ولنظامها وحكامها، يؤكد ذلك جليًا القراءة المتأنية فى سياسات حزب الله اللبنانى حيال مختلف القضايا الدولية والاقليمية بصفة عامة والعربية على وجه الخصوص، فثمة تطابق بل تبعية مباشرة لمواقف وسياسات طهران، ليؤكد ذلك أن حزب الله اللبنانى من أهم الأذراع السياسية والعسكرية لطهران فى المنطقة العربية. وقد اغري نجاح نموذج حزب الله اللبنانى القيادة الإيرانية الى انتهاج السياسة ذاتها فى بقية بلدان المنطقة خاصة البلدان الخليجية، ليصبح تأسيس منظمات أخرى شبيهة سياسة ايرانية تتمكن من خلالها ايجاد موطئ قدم فعلى راسخ فى تلك البلدان تستطيع من خلالها توجيه سياساتها ورسم خطى مستقبلها بما يتفق والمصالح الإيرانية، فمن المعلوم للجميع أن نجاح حزب الله فى السيطرة على الداخل اللبنانى وفرض رؤيته وترسيخ وجوده فى سياسات لبنان الداخلية والخارجية كان آخرها فرض كلمته باختيار "ميقاتى" رئيسًا للوزراء اللبنانى وابعاد "سعد الحريرى" رغم فوزه فى الانتخابات، بمثابة خطوة لفتح الشهية الإيرانية لتأسيس أذرع شبيه فى بلدان الخليج، ليصبح لدينا منظمات وحركات تدين بولائها لولاية الفقيه الايرانية وتسعى جاهدة الى تطبيق نموذج الثورة الايرانية فى بلدانها، ويبرز ذلك جليًا نموذج حزب الله البحرينى وإن اتخذ مسميات مختلفة، بدأ تحت مسمى "الجبهة الاسلامية لتحرير البحرين" والتى اتخذت من طهران مقرًا لها، معلنة بدء نشاطها باصدار بيان حددت فيه أهدافها المتمثلة فيما يلى: إسقاط حكم آل خليفة، إقامة نظام شيعي موافق للنظام الثوري الخميني في إيران، تحقيق استقلال البلد عن مجلس التعاون الخليجي وربطها بالجمهورية الإيرانية، معتمدة على اصدار المجلات كوسيلة مناسبة آنذاك للتواصل مع الداخل البحرينى، وكانت من أبرز ما اصدرته:"مجلة الشعب الثائر" و"الثورة الرسالة" وغيرها لدعم نشاطها المرتكز فى البداية على تنظيم المظاهرات ضد القيادة السياسية، فضلاً عن سعيها إلى تقديم الدعم المادى الى بعض البحرينيين من خلال تأسيسها "الصندوق الحسيني الاجتماعي". ولكن، نظرًا لفشلها فى الوصول إلى أهدافها عبر تلك الأدوات، سارعت فى أواخر 1981م بتنفيذ محاولة انقلابية على الحكم بقيادة"محمد تقى المدرسى"، إلا أن يقظة الاجهزة الامنية والمخابراتية البحرينية اجهضتها وألقت القبض آنذاك على 73 متهمًا باشر هذه العملية أو قام بمعاونة أصحابها. ورغم ذلك استمرت الجبهة فى العمل بالتعاون مع المخابرات الإيرانية، حيث تم الاتفاق فى منتصف الثمانينات على إنشاء الجناح العسكري للجبهة تحت اسم: حزب الله – البحرين، برئاسة "عبد الأمير الجمرى"، وبدأ نشاطه بتجنيد ثلاثة آلاف شيعي بحريني للمشاركة فيما يقوم به الحزب من تخطيط وترتيب لإحداث الفتن والثورات في البلد والسيطرة على بعض المناطق والمرافق المهمة والاضرار باقتصاديات البلد وبمصالح مواطنيه، وكانت من ابرز ما قام به الحزب ما يلي:

  • فى الرابع عشر من مارس 1996م، قام بحرق مطعم في منطقة: سترة واديان، ليلقى سبعة آسيويين مصرعهم.
  • في واحد وعشرين من مارس 1996م، قام بإحراق "كراج" الزياني وجميع السيارات الموجودة في المعرض.
  • فى السادس من مايو 1996م، قام باحراق وتدمير أكثر من تسعة محلات تجارية كبيرة.

ولم يقتصر الامر على ذلك فحسب، بل قام بحرق وتدمير عدد من الفنادق والمدارس، وكذلك بعض مولدات الكهرباء العامة، علاوة على حرق بنك البحرين الإسلامي، والبنك البحريني الوطني، ومركز المعارض الدولي.

خلاصة القول أن ما يحدث اليوم فى مملكة البحرين من انتهاكات لقيم المجتمع البحرينى وخروجًا على نصوص دستوره وخرقًا لتشريعاته وقوانينه، إنما يمثل امتدادًا لسياسات ممنهجة يمارسها القائمون على أمر تلك التنظيمات الداعية الى زعزعة الاستقرار ودخول البلاد فى اتون فوضى عارمة تهدد كيانها ومستقبل ابناءها تمهيدًا لإلحاقها بدولة أخرى يرون فيها النموذج والقدوة، متناسين أمرين مهمين: الأول، أن المواطنة الحقة بحقوقها وواجباتها لا تتحقق فى استعمار أو تبعية للخارج وإنما تكون باختيار الشعب الحر لقيادته السياسية الحكيمة التى تعمل من أجله واجل أبناءه ومستقبلهم، فلا شك أنهم لا يدركون أن التبعية التى يسعون اليها تحت قيادة دولة اخرى ستجعل منهم مواطنين من الدرجة الثانية بعد ان كانوا مواطنين يتمتعون بكامل مواطنتهم. الأمر الثانى، أن الدولة التى يسعون الى الانتماء اليها او الارتكان تحت قيادتها تكشف سياساتها اليومية مدى العنصرية التى تنتهجها مع كل من يخالفها ليس فى الدين أو العرق وإنما فى المذهب أو الاعتقاد أو الانتماء السياسى والايديولوجى لتظل الممارسات الإيرانية بحق إقليم الأحواز العربى السنى سُبة فى جبين الذين يتشدقون بالمظومية والدفاع عن المظلومين وعودة الحقوق لأصحابها.