تربية الرجال على مائدة القرآن

Submitted by abdelfatahdroesh on ثلاثاء, 03/10/2015 - 17:33

قد يجد الإنسان نفسه في حيرة شديدة إذا نظر إلى أحوال أصحاب رسول الله ، وكيف تجلت فيهم العبقرية في كل مجال سلكوه، وفي كل باب ولجوه، حتى أنك لا تجد في الوجود كله قديماً وحديثاً من يضاهي حُكامهم وأحكامهم في العدل والمساواة مع الرحمة والرقة والشفقة لجميع خلق الله، ولا من يماثل قادتهم في التدبير والتخطيط لخوض المعارك، والنجدة والشجاعة أثناءها، بل يقف العالم كله دهشاً حائراً وهو ينظر إلى القمم العالية منهم في القضاء، والتي عزَّ أن يكون لها نظير في السابقين أو المعاصرين أو اللاحقين.
وهكذا الأمر فيهم جميعاً في كل أحوالهم، فإذا نظرنا بعين فاحصة متلمسين أسباب ذلك، نجد أنها تنحصر في سبب جامع واحد هو التربية القرآنية النبوية.

فلقد كان لتربية النبي  لأصحابه الفضل الأكبر في تفجير طاقاتهم، وإظهار عبقرياتهم، وتفرد نبوغهم ؛ مع إكسابهم عظيم الخلال وجميل الصفات، فبرزوا بهذا الجمال الذي 
ليس له مثال.
اقرأ المزيد من الكتاب

ولو رجعنا إلى الصفحات المضيئة في تاريخنا، لوجدنا وراء ذلك كله التربية الإسلامية التي قام بها رجال تربوا على مائدة القرآن، واقتدوا في سلوكهم وكل أحوالهم بالنبي العدنان، وصحابته عليهم سحائب الرضوان.
بينما نجد المواقف التي يتخلى فيها النصر والعزة للمسلمين ترجع إلى تخلي المسلمين في هذا الوقت والآن عن التربية القرآنية، وانشغالهم بالكلية بالدنيا الدنية.
ولذا نستطيع أن نقول باطمئنان تام وثقة كاملة أن المسلمين المعاصرين رغم الصحوة الإسلامية الظاهرة في الشكل والمظهر، والفضائيات الدينية، والصحف والمجلات الإسلامية، وكثرة المعروض من الكتب الدينية، والتنظيمات الكثيرة التي تنتسب إلى الإسلام، فإن المسلمين الآن لن يعودوا إلى مجد السلف الصالح وعزتهم، وتظهر مواهبهم، وتنفتق قدراتهم إلا إذا رجعوا إلى مناهج التربية النبوية، وطبقوها بما يتناسب مع حياتهم المعاصرة بدون شذوذ وتجاوز عن الحد أو تقصير؛ بذلك وبهذه التربية يستطيعون أن يكونوا جيل النصر المنشود.
والحق الذي لا مرية فيه، وباستقراء تاريخنا المجيد نصل إلى حقيقة ناصعة:
وهي أن رجالات الصوفية الصادقين هم وحدهم أصحاب المدارس التربوية القرآنية التي خرَّجت الأبطال في كل مجال على مدى الأجيال