ما جاء في الأمر بالتداوي والعلاج

قال عبد الملك بن حبيب:
حدثني مطرف بن عبد الله عن مالك بن أنس عن زيد بن أسلم أن رجلا في زمان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] جرح فاحتقن الجرح بالدم وأن الرجل دعا برجلين من بني أنمار فنظرا إليه فقال لهما رسول الله [صلى الله عليه وسلم] : " أيكما، أطب؟ ".
فقالا: أفي الطب خير، يا رسول الله؟ [صلى الله عليه وسلم] : " أنزل الدواء الذي أنزل الداء ". فأمرهما رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يومئذ بمداواته فبطا الجرح وغسلاه ثم خاطاه.
وعن زيد بن أسلم أن رجلا أتى الى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وقد نصل في بطنه نصل فدعا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] رجلين من العرب كانا متطببين فقال لهما: " يكما، أطب؟ ".
فقالا: أفي الطب خير، يا رسول الله؟ فقال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] : أنزل [الدواء] 8 الذي ابتلى بالداء ".
فقال أحدهما: أنا أطب الرجلين يا رسول الله. فأمره رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بمداواته. فبط بطنه واستخرج النصل ثم خاطه.
وعن أبي هريرة أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: " تداوا فإن الله لم يخلق داء إلا خلق له
شفاء علة من علة وجهله من جهله إلا دائين ". قيل: وما هما يا رسول الله؟ قال: " البرم والموت ومثله ".
عن أسامة بن زيد وابن مسعود عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وحدث الخزامي سندا أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: " إن الله بث الداء وبث الدواء وجعل لكل داء دواء من الشجر والعسل فتداوا ".
وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: " لكل داء دواء فإذا أصاب دواء الداء] برئ [بإذن الله ". وعن قتادة أنه قال: " أنزل الله ألف داء وأنزل ألف دواء ".
وروي عن ابراهيم خليل الرحمن عليه السلام قال: يا رب ممن الداء؟ قال: مني. قال: ممن الشفاء؟ قال: مني. قال: فما بال الطبيب؟ قال: معالج على يديه الشفاء.
وعن ابراهيم التيمي أن رجلا أتى إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال له رسول الله [صلى الله عليه وسلم] : " من أنت؟ ". قال: أنا طبيب. قال له رسول الله [صلى الله عليه وسلم] : " ولعلك تدبر أشياء يحرق بها غيرك ".
وكان عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - طبيبان [بعث] بأحدهما إليه معاوية والآخر عبد الله بن ربيعة.
وعن أنس بن مالك أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: " أيها طبيب داوى مسلما يريد به وجه الله لم يأخذ عليه أجرا فصلح على يديه كتب الله إذا نقل أجره إلى يوم القيامة ومن أخذ عليه أجرا فهو حظه في الدنيا والآخرة ".
وأسند الخزامى أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قال: " لا ينبغي لأحد أن يداوى حتى يغلب مرضه صحته ".
وأسند أيضا عن ابن عباس قال: كان سليمان النبي كلما صلى الصلاة فقضاها إذا شجرة قد نبت بين يديه فيقول: ما أنت؟ فتقول: أنا شجرة كذا وكذا أنفع من كذا وكذا. فيأمر بها فتقطع فتكتب: شجرة كذا وكذا تنفع من كذا وكذا.
فصلى يوما فرأى الشجرة فقال: ما أنت؟ فقالت: أنا الخروب. قال: [لم] أنت؟ قالت: لخراب هذا المسجد. فقال: ما كان الله يخرب هذا المسجد وأنا حي.
فنحت سليمان من تلك الخروبة] عصا [ولقي ملك الموت فسأله إذا [جاءت] وفاته أن يعلمه، فلما أعلمه قام وشد ثيابه وأخذ تلك [العصا] التي نحت من الخروبة، فتوكأ عليها وقال: اللهم أغم على الجن موتي حتى يعلم الإنس أنهم كانوا لا يعلمون الغيب.
وأمر الجن فبنت عليه قبة من قوارير - يعني الزجاج - فقبض فيها وهو متكئ على عصاه والجن تعمل بين يديه كما قال الله تعالى: {كل بناء وغواص وآخرين مقرنين في الأصفاد} [ص: 37 - 38] ، وهم يرون أنه حي، فوقعت الأرضة في [العصا] فأكلتها في حول فسقط حين ضعفت [العصا] فعلم موته فشكرت الأرضة الجن والشياطين للخروب، فلا تراها في مكان إلا رأيته نديا، وشكرت الأرضة فأينما كانت جاءتها الشياطين بالماء. قال ابن عباس: وقدر ما مقدار أكلها [العصا] فكان سنة.