منافع المقابل المالي

جريدة الرياض
18-11-2019

تتجاوز منافع تطبيق الرسوم والمقابل المالي المنافع الاقتصادية إلى المنافع الاستراتيجية والأمنية وهذا ما يحاول البعض تجاهله ويركز فقط على زاوية الأرباح والخسائر لمنشآتهم. فإن محاولة إلغائه أو تخفيضه خطأ اقتصادياً ويلحق ضرراً بالعمالة الوطنية ويعرض سوق العمل لعدم الاستقرار كما حدث في عام 1990م (غزو الكويت) عندما غادر معظم العمالة الأجنبية ليتسبب ذلك في نقص بعض الخدمات.

إن تجاوز عرض العمالة الأجنبية لعدد العالمين السعوديين في القطاع الخاص هو مكان قلق حقيقي ويهدد استدامة سوق العمل، لذا ينبغي أن يكون عرض العمالة الأجنبية دائماً محصوراً في زاوية الطلب الفائض على العمالة الوطنية وليس على حساب عرضها. وهذا لن يتحقق إلا باستمرارية زيادة المقابل المالي حتى تضيق الفجوة بين تكلفة العامل الأجنبي وتكلفة العامل السعودي، حيث إن التكلفة المستهدفة 2020 في استراتيجية العمل 280 % لينتهي عصر العمالة الرخيصة وتقتصر استقدامهم عل حاجة سوق العمل وبعقود زمنية مؤقتة.

ويعتقد البعض أن المقابل المالي يهدد حاضر ومستقبل الأعمال الصغيرة والمتوسطة وهذا لا أساس له، فمعظم الأعمال الصغيرة والمتوسطة تساهم بأكثر من 60 % في إجمالي الناتج المحلي في البلدان المتقدمة وفي نمو مستمر، رغم ارتفاع جميع أنواع الضرائب المفروضة عليها، لأنها تعتمد على حسن الإدارة والكفاءة باستخدام التقنية والتجارة الإلكترونية لتعزيز منافستها وتعظيم مبيعاتها وليس تبني نسخ متكررة من الأعمال القائمة كما هو النموذج المنتشر في أسواقنا وشوارعنا.

إن الأثر الاقتصادي للمقابل المالي أدى إلى تحقيق إيرادات بقيمة 28 مليار ريال في 2018م ومن المتوقع مضاعفتها في 2019م إلى 56.4 مليار ريال (بيان ميزانية 2018م)؛ تقلص معدل البطالة من 12.9 % في الربع الثاني/2018م الى 12.3 % في الربع الثاني/2019م وما زال المعدل أعلى من 9 % والمستهدفة في برنامج التحول 2020، تراجع الحوالات الأجنبية من 141.657 مليار ريال في 2017م الى 136.43 مليار ريال في 2018م ومستمرة في تراجعها.

وبهذا يكون الهدف الرئيس من المقابل المالي هو تحفيز أصحاب هذه المنشآت بالعمل فيها أو توظيف سعوديين للقيام بأعمال هذه المنشآت حسب نسب السعودة من أجل تقليص معدل البطالة بين السعوديين وتوظيفهم، بعد أن باءت محاولات إقناع أصحاب هذه المنشآت بتوظيفهم بنسب أعلى. فإن الاعتماد على العمالة الوطنية يحد من ظاهرة التستر والغش التجاري ويرفع الطلب الكلي على السلع والخدمات. فإن زيادة المقابل المالي ما زالت مطلوبة لإحداث توازن بين عرض العمالة الأجنبية والطلب على السعوديين، حيث إن عدد غير السعوديين المشتركين في التأمينات الاجتماعية لم يتغير من (7,421,452) في الربع الثاني/2019م مقارنة بالربع الثاني/2018م.