جسدك يتكلم

جريدة الرياض
18-11-2019

جو نافارو عمل في الشرطة الأميركية الفيدرالية، وهو خبير في لغة الجسد، ووضع كتابًا عن ذلك، وستندهش من كمية المعلومات التي تبوح بها لغيرك وأنت لا تشعر!

خذ مثلًا الجاذبية، فهل تعلم أن معاكستها لها معنى؟ إن الحركات الجسدية التي تعاكس الجاذبية تدل غالبًا على مشاعر إيجابية، فمن لديه أخبار سعيدة وهو جالس قد يرفع قدميه من أطراف أصابع القدمين أعلى وأسفل ويكررها، أو يمشي مع ارتفاعات أعلى من العادة في مشيته. وهذه تُرى أيضًا في الذراعين، فالمزاج الإيجابي يجعل الشخص يلوح بذراعيه ويديه ويحركهما بحرية، أما من تسقط عليه أخبار مُقلقة فتهبط ذراعاه وكتفاه وتقل حركتهما الواسعة.

ومن الأشياء المؤلمة التي لاحظها نافارو هو عندما يرى أطفالًا يُدرك أنهم يتعرضون للأذى الجسدي بشكلٍ مستمر كالضرب، ويرى هذا من علامات على أجسادهم، فلاحظ أنه في الغالب أكتافهم تهبط وحركة أذرعتهم متوقفة حتى وهم يمشون أو يتكلمون أو يلعبون، وهو شيء تعودوا عليه كنوع لا شعوري من التجمد، وكأن الطفل يسعى إلى الاختفاء عن بصر الأب أو الأم التي تعذبه. الكاتب يمارس الرياضة، ومن ذلك أنه يسبح في أحد النوادي الرياضية، ولاحظ أن هنالك طفلة تأتي للنادي، ولفت انتباهه شيء: أن الطفلة - رغم أنها اجتماعية وودية - إلا أنها إذا أتت والدتها فإن حركة يديها وذراعيها تتوقف، وشعر نافارو أن هناك خطبًا، وبعد فترة رأى كدمات على ذراعيها، فذهب للمسؤولين في النادي وأنبأهم بهذا، غير أنهم قالوا إن الطفلة لديها نوع من الإعاقة العقلية، وأن هذه الكدمات على الأغلب أتت من ارتطامها أو سقوطها، لكن لم يقنعه هذا الجواب؛ لأنه يعرف من خبرته الفرق بين آثار الضرب والسقطات، فناقش الموضوع مع الإدارة العليا في النادي، وأخيرًا أحالوا الأم إلى السلطات؛ لأنه اتضح فعلًا أنها كانت تضرب الطفلة، ونافارو عرف هذا فقط من حركة ذراعيها.

هذا ما يشير إليه نافارو أيضًا عندما ينبهنا إلى أنه عندما راقب اللصوص في كاميرات المراقبة في الأسواق - وذلك بعد إلقاء القبض عليهم حتى يدرس تصرفاتهم - لاحظ أنهم قبل أن يسرقوا فإن حركة أيديهم وأذرعتهم كانت معدومة، وكأن اللص يحاول أن يختفي من أبصار الناس بأن يحد من حركته، إلا أن هذا هو الشيء الذي يلفت انتباه المختصين إليه، وهو جزء من مفردات هذه اللغة الصامتة.