هل تقصي ديزني منصة نتفلكس؟

جريدة الرياض
19-11-2019

كتبت الأسبوع الماضي عن "نتفلكس"، تلك المنصة التي تعملقت والتهمت منافسيها؛ بسبب الرؤية التحليلية الصائبة لإدارتها في بدايات الألفية، وانتقلت من مجرد شركة صاعدة معروضة للبيع بخمسين مليون دولار في نهاية التسعينات إلى إحدى أهم الشركات في صناعة الترفيه بقيمة سوقية بلغت 126 مليار دولار.

"نتفلكس" حافظت على مسار تصاعدي، وعملت عبر تحليل البيانات على فهم عقلية المتلقي، وبالتالي استمرت في التطوير والتحسين، وهو ما جعلها تتربع على عرش صناعة الترفيه كمنصة تقدم الأفلام والمسلسلات والوثائقيات، إلا أن "نتفلكس" تواجه تحديات حقيقية في البقاء على القمة؛ وذلك لأن لاعبين كبارًا دخلوا الميدان بقوة وهم بصدد إقصائها عن مكانها، فقد أعلنت الشركة العملاقة والعريقة في صناعة الترفيه "ديزني" عن منصتها التي تشابه إلى حد كبير نشاط "نتفلكس"، وخلال أقل من يومين اكتسحت ديزني جميع التوقعات بوصولها إلى عشرة ملايين مشترك، وهو الرقم الذي استغرق إمبراطورية صناعة الأفلام HBO ثلاث سنوات لتحقيق نصفه فقط!

ساحة النزال لا تقتصر على هؤلاء العمالقة فقط، فهنالك آخرون يضخون المليارات لسحب المستهلكين لحسابهم؛ إذ ضخت شركة أبل ما يقارب مليار دولار، فيما أخطرت شركة AT&T المستثمرين بأنها ستنفق قرابة المليارين لتطوير محتوى HBO، إضافة إلى وجود شركتي أمازون وأبل في السوق وتقديمهما خدمة مشابهة.

الإقبال الكبير من قبل المشاهدين على هذه الصناعة وتعاظم أرباحها دفع تلك الشركات إلى الإنفاق بسخاء على خلق منصات تقدم محتوى منافسًا وبأسعار تعتبر معقولة إلى حد كبير، وأعتقد شخصيًا أن أحد أهم أسباب نجاح منصة نتفلكس هو التطور الكبير (كتابة وإخراجًا) في صناعة المسلسلات، وهو ما جعل شعبيتها تطغى وللمرة الأولى في التاريخ على صناعة الأفلام.

وأخيرًا، إعلان ديزني دخولها المجال والنجاح الأولي الساحق لها، لا يعني نهاية "نتفلكس"، خصوصًا أن الأخيرة استثمرت في السنوات الأخيرة كثيرًا لتثبيت علامتها التجارية لدى المتلقي، وصمودها على مدى العشرين سنة الماضية، ما يعني أنه أصبحت لديها قدرة وخبرة كبيرة على التأقلم مع المستجدات وتجاوز التحديات، حتى إن كانت "ديزني" قد قدمت خدمتها بسعر منافس (يبلغ سبعة دولارات في الشهر مقابل تسعة دولارات لدى "نتفلكس")، فإن الأخيرة لديها القابلية لتحدي هذا السعر في مقابل الإبقاء على حصتها من السوق. وفي جميع الأحوال فإن هذه المنافسة بين الكبار ستنتهي لمصلحة المستهلك؛ إذ سيضمن تدفق عدد كبير من المسلسلات والأفلام بجودة عالية وبأقل الأسعار.