المسمى الوظيفي.. حُشري نمّام!

جريدة الرياض
17-11-2019

هناك بين بني البشر في عالم الوظيفة العامّة والخاصّة من يعملون ويكافحون، وهناك من يعتاشون على جهود العاملين المخلصين، وهناك من يسرحون إلى أعمالهم صباحاً ويعودون نهاية كل يوم عمل دون أن يفتقدهم أحد. ولعلّك رأيت أيضاً كيف أن بعض الإدارات التي قوامها مئات الموظفين تقوم في معظم أعمالها على أكتاف العشرات من المخلصين الأكفاء فقط.

وهذه الحال ربما أصبحت واقعاً في بعض الإدارات، ولكن ما يثير السؤال والعجب هو بعض آخر من الناس ممن "توالدوا" في بعض الإدارات، والذين لا يقومون بعمل حقيقي سوى مراقبة الناس وفحص نياتهم وتوقع سلوكهم بكثير من سوء الظن والتحيّز. ومن المهارات التي يبرع فيها هؤلاء مهارة نشر القيل والقال، وبثّ الشائعات في أماكن العمل، وترويج كل ما يسهم في تقليل إنتاجيّة الموظّف وخفض معنوياته. وفي وسط هذه الأجواء يستشري الشعور بالقلق داخل المنظمة وتنتشر البلبلة والخوف من عدم العدالة في منح الفرص والامتيازات ونحو ذلك. وتؤدي ممارسات هؤلاء المتطوعين لوظيفة "مراقبة الناس" في نهاية الأمر إلى تقليل الثقة بين الموظفين وخلق الانقسامات في المنظمة، ومن ثم تتكوّن الشلل "النفعيّة" وتتعاظم أدوار التنظيمات غير الرسميّة ما قد يؤدي إلى التحكّم في أعمال المنظمة وتوجيهها.

ولمواجهة هذه الأحوال ربما ينبغي على الإدارة تطوير المواثيق الأخلاقيّة للعمل، والتوعية الذكيّة المستمرة بأهميّة الدور والوظيفة. وفي كل الأحوال فإن المدير القدوة يمكن أن يكون أقوى علاجاً لمثل هذه الحالات.

والمدير القدوة هنا هو ذاك الذي لا يتيح الفرصة للمتسلّقين نحوه بترويج الشائعات وتسريب معلومات وخصوصيات زملائهم. وحينما يكون المدير القدوة بعيداً عن الانخراط في دوامة القيل والقال، حازماً عندما تبدأ حفلات الوشاة والنمامين فإن الرسالة ستصل للجميع أن هذه الإدارة بيئة نظيفة طاردة لطفيليّات النميمة والشائعات.

وكما أن للإنسان عوامل تسهم في تحصين صحته النفسيّة، فإن للإدارة في المنظمة أيضاً عوامل تعزز صحتها النفسيّة وعوامل أخرى قد تحوّل البيئة الإداريّة إلى مكان طارد للمواهب وقاتل للإبداع والإنتاج.

ولعل من أهم عوامل حماية صحة وحياة المؤسسة اعتماد الشفافيّة، والتركيز على المبدعين، والعدالة في توزيع الموارد، ووضع السياسات التي تجعل المنظمة واحة غناء للمتصالحين مع أنفسهم ومحيطهم.

  • قال ومضى:

لا تحزنْ على قطارٍ فات؛ فلربّما كنتَ في المحطّة الخطأ.