المدينة الإعلامية السعودية.. سلاحنا «الناعم»

جريدة الرياض
17-11-2019

الإعلام سلاحنا الناعم في صراع إثبات الصورة الفعلية لمملكتنا وشعبنا، والذي لا يقل أهمية عن سلاح الدفاع عن السيادة والحدود والوجود، وفي عصر السماوات المفتوحة تبقى الكلمة مقروءة كانت أو مسموعة أو مرئية هي وسيلة المشاركة الإنسانية..

يظل الإعلام عبر العصور، بأدواته وآلياته وأشكاله وفعالياته، هو مفتاح كل أمة للتعامل مع ذاتها من جهة، ومن جهة أخرى هو لسانها المعبر عن كينونتها في كل مراحلها وعلاقاتها مع الخارج بغير الأطر الدبلوماسية.

لذا يبقى الإعلام هو القوة الدافعة معنوياً والآلة الرافعة التي تجاري نهضتها وتساير خطواتها التنموية، بما يتماشى مع كل سياساتها الداخلية والخارجية، وكلنا نرى كيف أن الإعلام - في أوقات السلم كما أوقات الحرب - بات السلاح الأهم وكأنه الجندي رقم 1 في الظروف والمجالات كافة.. بمواجهة الحملات المضادة والأجندات المسعورة التي تحاول أن تنهش في جسد الوطن للنيل من معنويات المواطن بالإساءة لكينونة الدولة أولاً، ومن ثم ضرب المنجزات المتعاقبة على الأرض بقصد تشويهها وتقزيمها، سياسياً واقتصادياً ومجتمعياً ومعنوياً.

ولعل ما أعلنه مؤخراً وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، عن توجه إلى إنشاء "مدينة إعلامية في مدينة الرياض.. وأكثر" بحسب تغريدته التي نشرها على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، يعني أننا أمام مشروع وطني جديد وجاد ضمن منظومة برنامج التحول الوطني 2020م، والذي يهدف إلى تعزيز الحضور الإعلامي للمملكة، وتطوير قطاع الثقافة والإعلام، وإيجاد بيئة جاذبة للمؤسسات الإعلامية الخاصة، وخلق بيئة حاضنة للإعلاميين ومؤسسات الإعلام.. وفق ما أعلنته كذلك الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع قبل أيام. حيث - وفق أغلب التوقعات - يكون موقع المدينة المنتظرة في حي القيروان، شمال العاصمة الرياض.

نحن إذاً أمام بيئة واعدة تؤهل لقيام صناعة إعلامية مستقلة ومحترفة.. بكل معاني الموضوعية والجدية والنظرة المستقبلية، صناعة تعيد صياغة الأدوات السعودية وتجدولها بأولويات وطنية بالدرجة الأولى، ومن شأنها أن تقوم على تجديد الخطاب الإعلامي السعودي بتقنيات عصرية وبعقول وأيدٍ وطنية ترسم آفاق التنافس الشريف ومدعومة بأحدث تقنيات الصناعة الإعلامية المحترفة صوتاً وصورة وكلمة أيضاً.

ربما أكون أكثر تفاؤلاً وأجد أن هذا المشروع "الحالم" قد يكتب نهاية فعلية لعصر محاربة الكفاءات الوطنية في الفضائيات السعودية، وتمنحها الكثير من الثقة والدعم لتقديم نفسها وبجدارة في محاور الصناعة الإعلامية كلها، ليس من قبيل تقديم الوجوه والقيادات الكفؤة فقط، ولكن بالقدرة على استيعاب هذه التقنيات وتقديمها بأفضل محتوى وأرقى شكل.

قد يكون مشروع المدينة الإعلامية السعودية المقترحة، فرصة جديرة - إن لم تكن محطة مهمة للغاية وفي توقيت غاية في الأهمية - باحتضان فضائياتنا المهاجرة في عواصم عربية شقيقة، لتطلق صوتها من على أرض الوطن، لتعبر عن مكنون استراتيجية ورؤية جديدتين في التعامل مع إحدى أهم قواتنا الناعمة إعلامياً، وربما تكون فرصة إضافية يتم استثمارها لاحقاً لاستقطاب نماذج إعلامية عربية أخرى على غرار ما نعرفه أو نسمع عنه من مدن إنتاج إعلامي في بعض العواصم العربية الشقيقة، لتؤكد المناخ الجديد الذي تعيشه المملكة وتتوسم أن يكون بيئة مناسبة لاستثمارات جديدة في مجال الإعلام تتوازى مع مسارات استثمارية واقتصادية أخرى ترسخها رؤية 2030 الاستراتيجية.

كما قلت في البداية.. الإعلام سلاحنا الناعم في صراع إثبات الصورة الفعلية لمملكتنا وشعبنا، والذي لا يقل أهمية عن سلاح الدفاع عن السيادة والحدود والوجود، وفي عصر السماوات المفتوحة تبقى الكلمة مقروءة كانت أو مسموعة أو مرئية هي وسيلة المشاركة الإنسانية، وقبلهما تكون الرصانة والصدق والمنهجية والموضوعية هي ما نتوسمه دوماً من إعلامنا ليبقى على العهد أميناً على مقدرات أمة، وصادقاً مع مواطن، وحارساً لوطن.