كيف تدير المبدعين؟

جريدة الرياض
19-09-2019

عندي سؤال أحرص على طرحه على من ألتقيهم من القادة والمديرين في مجال الصناعات الإبداعية والصناعات القائمة على الابتكار، وهو: "ما أهم مبدأ تحرص عليه في إدارتك لمنظمتك ولفريقك من المبدعين؟". مقالة اليوم تعرض عليكم عدداً من الإجابات التي شدتني من الشرق والغرب..

ننطلق من طوكيو، حيث طرحت هذا السؤال على السيد ماتسودا يوسكيه رئيس الشركة العريقة في صناعة ألعاب الفيديو، وكان جوابه لي:" أدير فريقي المبدع بأن أتحداه وأحرص على وضعه في بيئة محفزة ودافعة للتفوق. وبشكل عملي فعندما يقوم فريق لدي بتطوير لعبة وينجح فيها أطلب من فريق آخر تطوير النسخة التالية من اللعبة وتحقيق أرقام أفضل من زملائهم. أما الفريق الأول فأكلفه بلعبة جديدة لكي لا تتحجر الأفكار بعمل روتيني ضمن إطار لعبة واحدة فقط..".

أما مدير جامعة ديجيتال هوليود السيد سوجيياما تومويوكي فيجيبني عن سؤالي قائلاً: "المبدعون نوعية من البشر من الصعب التعامل معها، فبقدر عقولهم النيرة المبدعة تجد الكثيرين منهم لديه مشكلات عميقة في التواصل، ولديه حساسية زائدة تجاه النقد حتى ولو كان بنّاء. ولذلك أحرص في عملي على أن أتجنب النقد، وأركز على تشجيعهم ومدحهم في الجوانب التي يتقنونها ويبدعون فيها، لكي يركزوا طاقاتهم عليها ويطوروا من مهاراتهم وقدراتهم!".

نغادر مرابع الساموراي إلى بلاد العم سام، وهذه المرة مع السيد جون دين نائب الرئيس السابق لإحدى كبرى الشركات المتخصصة في مجال ألعاب الفيديو، حيث يرى أنه من المهم مساعدة المبدعين على تخطي مشكلات التواصل التي يمتلكونها ومحاولة فهمهم، وفي نفس الوقت يرى أنه من الضروري أن يفهم المبدع أنه فرد ضمن فريق متكامل ولا يمكن أن يتم العمل من دون التعاون من جميع أعضاء الفريق. ولتبسيط الموضوع فالأمر شبيه بفرقة أوركسترا موسيقية يعزف أفرادها سوياً بتناغم كامل ولا يمكن أن تنجح المعزوفة إذا شذ شخص واحد عن الفريق".

وبشكل عام، هنالك سوء فهم لدى البعض بأن إدارة الإبداع تعني منح الحرية الكاملة للمبدعين دونما أي تحكم أو ضبط من الإدارة، وهذا في الواقع خطأ كبير. فالإبداع من دون إدارة تنظر إلى الجانب الاقتصادي والأخلاقي مصيره الفشل في أغلب الأحيان. والإدارة الروتينية التي لا تهتم بالإبداع مصيرها الفشل كذلك. وهذا الأمر لا يقتصر على الصناعات الإبداعية والإعلامية بل يشمل أيضاً التطوير والأبحاث والابتكار في الجامعات والشركات وغيرها.

وأذكر في زيارة لشركة آيتشي العملاق الإلكتروني في بكين أن المسؤولين في الشركة تحدثوا عن سعيهم الحثيث للتوافق والتعاون بين المبدعين والإداريين فيما أسموه الجمع بين نموذجي وادي السيليكون وهوليود داخل شركتهم، ووصل الأمر إلى تعليق لوحات إرشادية في قاعات وممرات الشركة حول هذا الموضوع.

وأختم بنصيحة رائعة للرئيس التنفيذي السيد كلارك ستاسي في إدارة المبدعين: "لا تعين رساماً مديراً على الرسامين!".