صداقة وثقة تنبضان في قلب الشراكة الاستراتيجية الفرنسية - السعودية

جريدة الرياض
14-07-2019

تتميّز العلاقات الفرنسية - السعودية بروابط صداقة وثقة قديمة. وتعكس التبادلات والمشروعات المشتركة في قطاعات عديدة مدى الشراكة الاستراتيجية التي تربط بلدينا ومتانتها.

ففي سياق تنفيذ رؤية 2030 بل أيضاً في سياق التحدّيات الإقليمية والدولية الكبرى، التي يواجهها البلدان سوياً، تحشد فرنسا والمملكة العربية السعودية جهودهما، على نحو شامل، من أجل إحياء هذه العلاقة الثنائية. فهذه هي الرسالة التي أرادت أعلى السلطات الفرنسية والسعودية أن تعبّر عنها عندما قرّرت عام 2018، تعزيز شراكتهما على نحو يلبي مصالحهما المشتركة بملاءمة وحدّة أكبر.

فرنسا والمملكة العربية السعودية تطابق آراء واسع

حول أهمّ رهانات وتحدّيات القرن الواحد والعشرين

تقوم العلاقة الفرنسية - السعودية على مصالح استراتيجية مشتركة كما تقوم على تطابق آراء واسع حول الرهانات الرئيسة (سلام وأمن وتطوّر، إلخ). وحول تحديات القرن الواحد والعشرين (تنمية مستدامة وصحّة، إلخ). أمّا حول مجمل الملفات الإقليمية والدولية، فتعقد باريس والرياض حواراً وثيقاً ومستداماً يتيح لهما تنسيق جهودهما. ففي هذا السياق، على سبيل المثال، كثّفت فرنسا والمملكة العربية السعودية تعاونهما في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف. بل أيضاً، إنّنا ندخر مواردنا للعمل من أجل إعادة إرساء الاستقرار في منطقة الساحل الإفريقي التي يهدّدها الإرهاب. وأخيراً، في الشرق الأوسط، وأمام تصاعد التوّترات، فأولوياتنا هي نفسها ألا وهي الحفاظ على السلام والأمن الإقليمي.

إن المملكة العربية السعودية هي أوّل شريك تجاري

لفرنسا في الشرق الأوسط وفرنسا من ضمن أكبر

المستثمرين في المملكة العربية السعودية

حافظت المملكة العربية السعودية، عام 2108، على مركزها كأوّل شريك تجاري لفرنسا في الشرق الأوسط إذ بلغت التبادلات زهاء 10 مليارات يورو، مسجلة ارتفاعاً مقارنة بالعام الماضي. فهكذا، تندرج فرنسا على قائمة أوّل عشر دول تصدّر إلى المملكة. وهناك زهاء مائة شركة فرنسية تعمل في المملكة العربية السعودية وتساهم في إنجاح رؤية 2030 من خلال تقديم خبراتها المعترف بها دولياً وتشارك في تنمية المملكة الاقتصادية. وتُصنّف الشركات الفرنسية، بالطبع، بين أفضل الروّاد العالميين في قطاعات عديدة ذات قيمة مضافة مرتفعة نذكر منها على سبيل المثال الطاقة والصناعات الغذائية والنقل والمدن المستدامة والابتكار التقني والذكاء الاصطناعي.

من ناحية أخرى، تمتلك فرنسا رصيد استثمارات في المملكة العربية السعودية يتعدّى أربعة مليارات يورو وتندرج هكذا على قائمة أكبر الدول المستثمرة في المملكة. كما تُعد مرتعاً بالغ الأهمية للاستثمارات السعودية، وتقدّم فرصاً في قطاعات واعدة للمستقبل، نذكر منها الصحّة والاتصالات والمعلوماتية والزراعة بل أيضاً الطاقات المتجدّدة. ونلاحظ أن جاذبية بلدنا بالنسبة للمستثمرين الأجانب تعزّزت خلال السنوات القليلة الماضية ويجد فيها المستثمرون السعوديون ميزات مقارنة رئيسية، منها نسيج مبتكر من الشركات المتوّسطة والصغيرة الحجم وعمليات تأهيل وتدريب ذات نوعية كبرى وبنى تحتية حديثة ومتطوّرة للغاية.

آفاق جديدة للشراكة الثقافية

والسياحية الفرنسية - السعودية

إضافة إلى الشراكة الاستراتيجية التي عقدت في القطاعات السياسية والاقتصادية، يقوم تعاوننا مع المملكة العربية السعودية على روابط ثقافية وثيقة.

ففي هذا السياق، اختارت المملكة العربية السعودية فرنسا، وهي الواجهة السياحية العالمية الأولى ومركزاً ثقافياً متقدّماً، لمواكبتها في إبراز قيمة التراث السعودي الاستثنائي وتطويره. ففي هذا الصدد، يرمز الاتفاق الحكومي الذي تمّ التوقيع عليه في باريس خلال شهر نيسان/أبريل 2018، في إطار مشروع مشترك للترويج لموقع الهجرة والمنطقة التي تقع فيها العلا، إلى الآفاق الجديدة التي تُفتح أمام بلدينا الصديقين. فالشرف لفرنسا أن تتعاون مع المملكة العربية السعودية في هذا المشروع الثقافي الذي يتسّم بأهمية كبرى، لا سيّما مع إنشاء الوكالة الفرنسية لتطوير العلا (AFALULA)، المخصّصة لتنفيذ هذا التعاون، إلى جانب الهيئة الملكية لمحافظة العلا.

كما تفتخر فرنسا إذ واكبت زهاء مائة عرض موسيقي ومعرض بالشراكة مع السلطات السعودية، ونذكر منها على سبيل المثال العرض الموسيقي الذي قدّمه جان-ميشال جار للاحتفال باليوم الوطني السعودي وعرض دافيد غيتا بمناسبة أوّل مسابقة للفورمولا إي في الدرعية. أماّ في قطاع الرياضة وبعد النجاح الذي تكلّلت بها النسختان الأوليتان السعوديتان لمباريات رياضة المغامرات (FISE) في جدّة وفي الأحساء، سيشكلّ رالي داكار، الذي سينظّم في المملكة العربية السعودية، مطلع عام 2020، حدثاً عالمياً رئيسياً، سيتبعه عشّاق رياضة السيارات على القارات الخمس.

أمّا في قطاع التأهيل والتدريب، فيزداد، سنة بعد سنة، عدد الطلاّب السعوديين الذين تستقبلهم فرنسا في قطاعات الهندسة والطبّ والفندقة والسياحة والفنّ والثقافة.

فأريد أن أحتفي، بمناسبة الاحتفال بالعيد الوطني الفرنسي، بهذه الشراكة الفرنسية - السعودية الاستثنائية، في ضوء علاقة الثقة والصداقة هذه، وفي ضوء هذه الرؤية المشاطرة لتحديّات القرن الواحد والعشرين بل أيضاً في ضوء ديناميكية تبادلاتنا التجارية وتعاوننا الثقافي والسياحي.

عاشت الصداقة الفرنسية - السعودية..

*سفير فرنسا لدى المملكة العربية السعودية