«خوليا».. بساطة عمرها 118 عاماً

جريدة الرياض
14-07-2019

تلقت عميدة معمرات بوليفيا خوليا فلوريس كولكيه التي تنتمي إلى شعب كيتشوا، بمناسبة بلوغها 118 عامًا، هدية من السلطات البوليفية، عبارة عن أول منزل تملكه شخصياً، وتسلمت «ماما خوليا» كما تسمى في بلدة ساكابا في وديان كوتشامامبا في وسط البلاد حيث تقيم، المنزل البالغة مساحته 51 مترًا مربعًا. وكلف 15500 دولار في إطار برنامج رسمي للمساعدة على الإسكان موجه لأصحاب الدخل المتدني.

اخترت مقدمة هذا الخبر الذي بث عبر إحدى وكالات الأنباء العالمية الأسبوع الماضي، لأن فيه عددا من العبر التي تعطي الإنسان المزيد من الأمل في الحياة والعيش فيها بطولها وعرضها دون أن يكون هناك حدود في انتظار الأمل وما سيأتي بها الغد من جديد.

هذه السيدة المعمرة عاشت من دون منزل، وكانت في السابق تقيم عند أقارب لها في منزل مصنوع من التربة المدكوكة ويحظى بحديقة صغيرة تسرح فيها الكلاب والقطط والدجاجات، وتلقت المسنة التي تتمتع بكامل قواها الذهنية وبصحة جيدة هدية من رئيس الدولة عبارة عن آلة «تشارانغو» الوترية المعروفة في جبال الأنديس وهي لم تعد قادرة على عزف الموسيقى لكنها تستمع إليها، فهي كانت تحب العزف على هذه الآلة تحديداً.

تجاوز عمرها المئة عام وهي تعيش هذه البساطة، البعيدة عن تعقيدات الحياة وحضارتها التي تزيد من ضغوط الحياة يوما بعد يوم، هل نتوقع أن تعيش هذه المعمرة بمرض عضال أو مزمن وهي تعيش بكل بساطة؟ بالتأكيد لا.

وبالتأكيد أيضا أن لديها من الصبر وحسن التعامل مع من حولها الكثير والكثير، فهي كانت تعيش لدى الأقارب وترضى بالقليل في حياتها، بلا تذمر وتنتظر ما تجود به الأيام من خير، وجاء هذا الأخير بعد أن ذهب من العمر قرناً من الزمن، فلم ترفض الهدية لكونها تأخرت وتعبت في الحياة، فهي تعودت على التعايش مع الواقع والعيش على الأمل والحلم للمستقبل مهما طال الزمن، وتحقق الحلم البسيط بمنزل مساحته 51 متراً فقط، ومعه آلة لعزف الموسيقى.

الحكم من حكاية خوليا القصيرة كثيرة، ولكن علينا أن نتوقف مع بعضها، ومنها أن الإنسان حتى يعيش بشكل فيه الرضا بواقعه، أن يتقيد بالحكمة التي تقول أنظر إلى من هو أقل منك في المستوى المعيشي حتى تصبر على واقعك وتتكيف معه، ولا يعني ذلك ألا يكون لك أمل، فالطموح والعمل بجد للمستقبل حق مشروع.

مؤكد أن جميع الناس يبحثون عن الصحة ودوام العافية، وخوليا وكل المعمرات والمعمرين، قالوا إن خلاصة تجربتهم في الحصول على العافية، تكمن في راحة البال، والبعد عن القلق والأكل الطبيعي الذي عرفه الأجداد، وأيضاً بلا إسراف، والحرص على الحركة، والعيش بأمل وطموح وتفاؤل بما سيأتي به الغد الجميل والقريب.