الاقتصاد التركي.. إلى أين؟!

جريدة الرياض
14-07-2019

‏قبل أيام قامت وكالة (فيتش) ‏بتقليص التصنيف الائتماني - للمرة الثانية في شهرين - لتركيا إلى BB - ‏والسبب هو إقالة مدير البنك المركزي التركي وعلقت وكالة (فيتش) بأن هذا القرار‏ ‏سوف يؤثر على الثقة في الاقتصاد التركي المتعثر أصلا ويزيد الشكوك في قدرة تركيا على تحقيق الإصلاحات الهيكلية والبنكية وحسب الأخبار المتداولة من وكالات الأنباء، أن الخلاف مع رئيس البنك المركزي بدأ نتيجة الضغوط عليه لتقليص نسبة الفائدة التي اضطر لرفعها بنسبة 6.2 % لتصل إلى 24 % منذ شهر سبتمبر في العام 2018 لمواجهة الانخفاضات الحادة التي حدثت للعملة التركية التي تجاوزت أكثر من 47 % في العام الماضي وبتعديل نسبة الفائدة برفعها تقلصت خسائر العملة التركية إلى 23 % قياسا بالدولار.

‏كانت العملة التركية قد بدأت بالنزول العام الماضي نتيجة انخفاض احتياطيات البنك المركزي التركي إلى ما يصل إلى نسبة 75 % من حجم الديون القصيرة والحد الأدنى كان يتوجب أن يكون 120 % أو ما يعادل ستة أشهر من حجم الواردات ولكن التدخل الرئاسي عبر ممثل الرئيس - وزير المالية وصهره - في السياسة النقدية بعدم رفع سعر الفائدة أخاف الكثير من المستثمرين وأدى إلى سحب الأموال بشكل سريع وبالتالي تآكلت الليرة التركية ‏ونتيجة هذه الأحداث ظهر تساؤل في الأفق حول السياسة الاقتصادية الموجودة هناك، وحدود التدخل الرئاسي وأن السياسة النقدية ليست منفصلة كما ينبغي وهو ما يضع شكوكا حول حقيقة حرية السوق في تركيا، وهو ما يخيف المستثمرين بأن المصالح السياسية ذات الأهداف الشعبوية تطغي على أولوايات التنمية والتي تطلب حرية الأسواق وعدم التدخل لصالح أي أجندة وكانت نتيجة ذلك التدخل هذا التآكل الكبير الذي انعكس على اقتصاد الدولة.

مثلا في شهر مايو الماضي ارتفعت الودائع الدولارية الصافية للبنك المركزي بنسبة 35 % عبر قروض قصيرة لنفخ الاحتياطيات قبل الانتخابات البلدية للعاصمة، أخيرا تحسن الحساب الجاري للبنك المركزي لكن السبب كان سلبيا بسبب تباطؤ النمو - كما توقعت فيتش - مما آدى لانخفاض الواردات.

هذا النهج الشعبوي يخيف المستثمرين لأنه يذكرهم بفنزويلا وسياستها الشعبوية والنتائج تآكل عملتها وانهيار قيمة الأصول والثروات واليوم التضخم التركي يتجاوز 20 % وشبح التكرار مع فنزويلا يثير المخاوف لأن التفكير الشعبوي متقارب.