الدفع بلا نفع!

جريدة الرياض
14-07-2019

أحرج الرئيس الأميركي ضيفه القطري عندما كشف أمام الجميع ساخرًا وشاكرًا تطوع قطر بتحمل كافة تكاليف بناء مطار عسكري أميركي وتطوير قاعدة العديد الأميركية في قطر بأكثر من ثمانية مليارات دولار أميركي، ليعلن بعدها الضيف الضعيف وهو يقهقه على خيبة عجزه التجاري عن دفع أكثر من 185 مليار دولار وتشغيل أكثر من نصف مليون مواطن أميركي، بلا أي توضيح عن ماهية بنود هذه المبالغ وأوجه تعاقداتها ومنافعها ومكاسبها الوطنية التي تعود على الشعب القطري.

ما كشف لنا حجم التناقضات التي يروجها خطابهم الإعلامي المتشبع بالتضليل والتدليس والكذب على شعوب المنطقة العربية، مضللًا بخطابه الإعلامي حقيقة تعاملات الحكومة القطرية في الدهاليز السياسية وغرف الدول الغربية المغلقة، كما أكد أن كل الترهات التي ينعق بها غربان قناة "الجعيرة" القطرية وما تتغنى به حكومة الدوحة مجرد تزييف ولعب على أوتار العاطفة الدينية والعروبية عند السذج من المغيبين والكارهين. 

لقد فقدت الحكومة القطرية كل خيوط الكرامة الوطنية حتى باتت كل خيوطها في أيادي متفرقة عديدة ما جعلها رهينة لابتزازات الأفراد والدول والأحزاب والتنظيمات الساقطة والمنظمات المسيسة، فهي تعيش حالة الوهن والتهميش والعزلة ولا تملك من أمرها إلا أن تستنزف المزيد والمزيد من أموالها ومدخرات أجيالها الحالية والقادمة لسد عجز هذا الجانب المظلم الذي خيم على أرجاء قطر بسبب سياسات خبيثة غادرة حمقاء قادت بلادهم إلى حيث تُصرع الكرامة وتُقبر المروءة والشهامة وتُسحق كل معاني الاستقلالية والسيادة تحت وطأة احتلالهم بالقواعد الأجنبية والميليشيات العسكرية، ومأوى الهاربين من الأحكام القضائية، ونفوذ وعبث خليط من سقط القومجية والإخونجية، وضغوط عبث تغيير التركيبة السكانية، والامتثال أمرًا لآراء المرتزقة ممن يتصدرون المواقع السياسية والإعلامية والاجتماعية.

إن هذا الواقع الذي تعيشه قطر وتخبطها المستمر وإصرارها على منهجيتها العدوانية واضطراباتها السلوكية لن يخرجها مما هي فيه من تشرذم سياسي، كما أن رهانها على عامل الوقت وسقوط ترمب انتخابيًا لن ينجيها من غرقها في وحل الاصطفاف مع أعداء المنطقة والحلفاء، وقد علمت هذه الحكومة العدوانية بجدية ذلك فأصبحت تغازل الرئاسة الأميركية بمئات المليارات بلا مقابل أو منفعه تذكر، خاصة بعد اختناق ومحاصرة حليفتها إيران وتهاوي نفوذ حليفها التركي وتخبطاته وكثرة متطلباته ودخوله إلى مسار جديد يواجه فيه قوات الناتو وأميركا بسبب منظومة الدفاع الجوية الروسية، وبما أن التقريع والتهديد في الغرف المغلقة له وقعه وأثره على مثل هذه الحكومة المسلوبة الإرادة والقرار سنرقب عن كثب مدى تحول وتبدل سياساتها الخارجية.