أفكار وخواطر مجنونة

جريدة الرياض
24-05-2019

عندما تسكن الأفكار عقلك ويؤمن بها قلبك وتتخيل تطبيقها في كل لحظة، سوف تسيطر عليك سيطرة تامة، حتى توهم نفسك أنك حققتها بل ستطاردك في منامك وترى نفسك أنجزتها، وعندما تفيق ترى العكس لا شيء تحقق من هذا القبيل، ولا تجد أمامك إلا الواقع المرير، عندها ستكون في حالة غضب، وتدخل في نوبة من جنون العظمة وتتحدى القدر؛ أن تطبقها في غير أوانها!

هكذا العجول لا يعطي لنفسه فرصة في تحقيق أسس النظرية، وهل هي جاهزة في مكانها وزمانها أم الانتظار أفضل والتريث حتى يأذن القدر في تحقيقها..؟

هذا الداء على مر التاريخ أصاب الكثيرين، ولم يلحقهم بركب دخول التاريخ من أوسع أبوابه. فكم من تاجرٍ أخطأ في حساباته وخسر كل شيء! وكم من عالمٍ حاول أن يكتشف أشياء ولم يتبين له أي شيء بسبب عجلته الزائدة! وكم من سياسي حاول أن يصل إلى سدة الحكم في وطنه، ولكنه فشل بسبب لم يحن دوره مع آلة الزمن التي لفظته وتدرك أن القدر يسير بقوانين الكون التي فرضها الله.

هذا بالنسبة للناس الواقعيين والحالمين بنواميس الطبيعة، أو لنقل عنهم الناس الأسوياء الذين يحاولون تطبيق أشياء معقولة، ولكنها صعبة تحتاج لرجال ذوي صبرٍ وبأسٍ شديد.

لكن ماذا عن شخصيات تحاول تطبيق أوهام وأساطير تَحدّثَ عنها أُناس من قرون ولا صحة لأقوالها كالنظرية المهدوية أو السفيانية، وغيرها الكثير من النصوص التي لم يرد شيء على إثباتها. وإن صحت بعضها؛ لابد من وضعها تحت المجهر وبيان موضعها بالأدلة العقلية، وشرح وافٍ عن مدى حدوث محتواها زمانياً، أي متى سيكون ولماذا؟ فهذه الأسئلة ستلقي بظلالها عن حقيقة الأمور والاستنباط والاستدلال في شأنها، حينها سوف يتحرر العقل من إشكاليات كثيرة.

ومن جهة أخرى، فقد كثر الذين يشغلون أنفسهم بعلومٍ لا طاقة لهم بها بل التخبط بين علوم الدين وعلوم الدنيا. فهؤلاء ندرجهم ضمن الذين يتوهمون أنهم علماء وفلاسفة، ويستعجلون سرعة التعلم. فالعلم يأخذ من حياتك وصحتك، ولا يعطيك إلا القليل. فالإنسان عليه قبل كل شيء أن يفكر بالنتائج قبل البت في الأمر.

لابد للإنسان أن يصنع الأفكار الإيجابية التي تفيده؛ وتفيد مجتمعه وأن يحرص أشد الحرص في كيفية تطبيقها بالشكل الصحيح وبالوقت المعلوم.