«تنزيلات» أم «خدعة»؟

13-01-2019
جمال الدويري

كثير من المحال في مراكز التسوق تبحث عن مناسبة للتخفيضات، وما أكثرها، فهي تارة لقدوم الشتاء، وأخرى للربيع، وثالثة، للعودة إلى المدارس، ورابعة بمناسبة «التصفية» ولا ندري كيف تستمرّ التصفية لسنوات.
هذه العروض الترويجية أصبحت الملاذ الأكثر جدوى للمستهلكين، وأغلبية الناس باتت تنتظرها، لكن هناك مستهلكون كثر باتوا يشتكون من عدم جدوى بعض العروض، وحجم التدليس الذي تمارسه محال الملابس والعروض الكبرى، كأن تضع لافتات بأسعار زهيدة على ملابس وبضائع، وما إن تأخذها لتفاجأ عند المحاسب، أن سعرها أكثر مما هو معروض بكثير.
وعند السؤال، يخبرك الموظف، بأنك لم تقرا «اللوحة الإعلانية» جيداً، إذ إن العرض يقول «ابتداء من..» وتكون العبارة والرقم مكتوبين بخط صغير جداً، وسعر «الإغراء» مكتوب بخط كبير ولافت.
وهنا قد يكون الرقم المعروض هو 100 درهم، ولكن سعر السلعة 250 درهماً، وعندما تسأل موظف المبيعات، يقول إن الأسعار تبدأ من 100 درهم، ولكنها قد تصل إلى أضعاف ذلك.
المشكلة، أو التدليس الحقيقي، أن بعض الأرفف لا يوجد عليها إلا منتج واحد، ما يعني بطلان هذه اللوحة، لأنها تتحدث عن «ابتداء من»، وهي في حقيقة الأمر تخص منتجاً واحداً فقط.
هذه العروض لا تليق بمحال البيع في مراكز التسوق الكبرى، فهي ليس محال بضائع «الدرهم والدرهمين»، بل هي لماركات وبضائع وشركات لها اسمها وسمعتها، وإن قبلت هي ذلك على نفسها، يفترض ألا تقبل إدارة مركز التسوق هذا الأمر، لأن الخدعة بكاملها قائمة على «جرّ» الزبون إلى «الدفع» وبعدها يقع في «فخّ» الإحراج أمام أسرته، وأمام زملائه، الذين يخجل كل منهم من الآخر، فيدفع الجميع، ويغادرون وهم على يقين بأنهم خدعوا.
اللافت إزاء هذه العروض أيضاً، حجم نسب الحسم، التي تقدمها بعض المحال، فهي إذا قدمت عرضاً على بضائع تصل إلى 70%، فما هامش الربح السابق الذي كانت تحققه؟
ليس لذلك معنى إلا أنها كانت تبيع السلعة بخمسة أضعاف سعرها الحقيقي، أو السعر الذي اشترته بها.
كلنا نعي حجم الأعباء المالية على المحال، وخاصة تلك التي تقع في مراكز التسوق، وكم عليها من ضغوط لتوفير الإيجار، ورواتب الموظفين، ولكن علينا ألا ننسى أن أغلبها بالغت في نسبة الربحية، وهو ما دفع الزبائن إلى البحث عن بدائل، وعندما حاولت استعادة زبائنها بالعروض، مارست عروضاً غير صحيحة، فزادت الطين بلة.
التجارة تحتاج إلى ذكاء و«تشاطر» ومسايرة ظروف وأحوال معيّنة، ولكن ليس بالخداع أو التدليس، فقد ينجح أحدهم مرة أو مرتين، بخدعة أو «تذاكٍ»، ولكنه سينكشف، وترتدّ عليه خيبة وخسراناً.
الجهات المعنية بالرقابة على الأسواق، يقع على عاتقها أن تجعل من تلك العروض، حقيقة، أو تلجم المحال عن خداع الناس.

jamal@daralkhaleej.ae