ألغام في لبنان

13-01-2019
صادق ناشر
 
تنتظر لبنان خلال الأيام القليلة المقبلة أحداث صعبة، فمع اقتراب انعقاد القمة الاقتصادية العربية، المقرر انعقادها في بيروت في التاسع عشر من الشهر الجاري، تعيش البلاد أزمة كبيرة، خاصة مع فشل الأطراف السياسية في التوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة منذ الانتخابات التشريعية التي شهدتها البلاد في شهر مايو/‏ أيار الماضي.
الخلافات بشأن الحكومة امتدت لتشمل انعقاد القمة، التي انقسم اللبنانيون بشأنها بين دعوات مرحبة بانعقادها، على رأسهم رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، وأخرى رافضة، ويتصدر هذا المعسكر رئيس مجلس النواب نبيه بري، خاصة ما يتصل بحضور بعض الوفود إلى لبنان، وبالذات ليبيا، حيث تهدد حركة «أمل» بإفشالها، حيث عقد المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى اجتماعاً طارئاً قبل يومين، احتجاجاً على دعوة ليبيا لحضور القمة، على خلفية قضية رجل الدين موسى الصدر الذي اختفى في ليبيا أثناء حكم الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.
المجلس أشار إلى أن «مسؤولي السلطة في ليبيا، يعتبرون من ألد أعداء القضية ويمثلون مصالح آل القذافي ويسيئون في تصريحاتهم إلى لبنان وشعبه بشكل لا يفترض أن تسمح الكرامة الوطنية بدعوتهم أصلاً»، لهذا حذر مما أسماه «تجاهل ردود الفعل الشعبية التي يمكن أن تنتج عن الإصرار على دعوة الوفد الليبي».
الخلافات حول انعقاد القمة الاقتصادية العربية في لبنان، ستنعكس بلا شك على الوضع اللبناني، ففي الوقت الذي كان البعض يعتقد أن اقتراب انعقاد القمة سيعجل بتشكيل الحكومة، إلا أن التعقيدات بين الأطراف السياسية استمرت على ما هي دون حلحلة، وبدا كأن هذه الحلحلة لن ترى النور قريباً، خاصة فيما يتصل بتمثيل ما يعرف ب«اللقاء التشاوري»، وهم نواب سنة محسوبون على «حزب الله» وحلفائه، وهي القضية التي شهدت خلافات واسعة قبل نهاية العام الماضي، بعد أن كانت الأطراف المختلفة على وشك التوصل إلى إعلان الحكومة.
لهذا تبخر التفاؤل الذي ساد الشارع اللبناني مؤخراً بقرب انفراج أزمة الحكومة، بعدما انتظر ما يقرب من ثمانية أشهر لتشكيلها، والتي كان من شأن إعلانها أن ينفس الاحتقان السياسي القائم حالياً، إلا أن الحسابات السياسية لكل طرف عقدت القضية بشكل أكبر وأعادت الأمور إلى نقطة الصفر، مع أنه كان من المفترض أن يقدم كل طرف تضحيات من أجل ولادة الحكومة، التي تأخر تشكيلها كثيراً، وباتت كل الاحتمالات مفتوحة، والخوف أن تستمر هذه الخلافات إلى أمد طويل، يفقد فيه لبنان الكثير على مختلف المستويات، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية أيضاً، فبقاء الدولة بدون حكومة يجعلها غير قادرة على الحركة ويعطل مصالح الناس التي تضررت كثيراً من استمرار الخلافات السياسية القائمة، التي تحولت إلى ألغام في طريق الحل. Sadeqnasher8@gmail.com