الجولان بين المقايضة والضم

12-01-2019
يونس السيد

المطالبة «الإسرائيلية»، لواشنطن؛ بالاعتراف بضمها هضبة الجولان السورية المحتلة منذ عام 1967، بلغت حد الإلحاح، في الآونة الأخيرة؛ لكنها- حتى الآن- لم تجد آذاناً صاغية لدى الإدارة الأمريكية، التي قدمت سوريا كلها «هدية» لأردوغان، بينما تبخل على «إسرائيل»، التي تعودت ألّا يرد لها أي طلب، بضم هذا الجزء الحيوي والمهم من الأراضي السورية إليها، لماذا؟
المطالبات «الإسرائيلية»، لواشنطن؛ بالاعتراف بضم الجولان، لم تنقطع منذ أن اتخذت «إسرائيل» قرار الضم في ديسمبر/كانون الأول عام 1981؛ لكن الإدارات الأمريكية المتعاقبة، رفضت الاعتراف بشرعية قرار الضم؛ لأسباب كثيرة تتعلق بمصالحها في المنطقة، وظلت تعدها أراضي محتلة خاضعة للتفاوض، ارتباطاً بالتوصل إلى تسوية للصراع (العربي- «الإسرائيلي»)؛ لكن- اليوم- وفي موسم الصفقات، وتوزيع الهدايا المجانية، يبدو أن «إسرائيل» أرادت الاستفادة من وجود أخلص إدارة أمريكية حليفة لها في البيت الأبيض، عبر تاريخها؛ للضغط على واشنطن؛ لتلبية هذا المطلب، وراحت تلح بشدة؛ للحصول على الاعتراف الأمريكي، بضم الجولان، إلى درجة مطالبتها بمقايضة هذا الاعتراف، بانسحاب القوات الأمريكية من سوريا!
فمنذ مطلع الشهر الحالي، طلب رئيس وزراء «إسرائيل» بنيامين نتنياهو، بحسب مصادر لم يكشف عنها في «تل أبيب»، ثلاث مرات من واشنطن، الاعتراف بضم الجولان، كانت المرة الأولى في رسالة رسمية، بعث بها نتنياهو عن طريق السفارة «الإسرائيلية» في واشنطن، والثانية كانت خلال لقائه وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في البرازيل قبل عدة أيام، أما المرة الثالثة، فجاءت خلال لقائه مع مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون في القدس المحتلة، إلا أنه لم يتلق جواباً في المرات الثلاث؛ ورغم أن نتنياهو حاول الضغط بشكل علني، خلال لقائه، مع بولتون؛ عبر الحديث عن أهمية الجولان الاستراتيجية للأمن «الإسرائيلي»، طالباً من جميع الدول الاعتراف ب«السيادة الإسرائيلية» عليها، ودعا بولتون إلى زيارتها؛ لكي يفهم أهميتها، قائلاً: «أرجو أن تعترف الولايات المتحدة بقرارنا ضمها إلى السيادة الإسرائيلية»، إلا أن بولتون تجاهل الأمر تماماً، وبدلاً من ذلك راح يتحدث عن التعاون الأمني مع «إسرائيل»، ويطمئن مسؤوليها، بأنه لا يوجد جدول زمني للانسحاب الأمريكي من سوريا، وأن هذا الانسحاب لن يكون له أي تأثير على الحلفاء في نهاية المطاف، والأهم هو طمأنة «إسرائيل»، بأن واشنطن لن تنسحب من قاعدة «التنف» في المرحلة الحالية.
وبالعودة إلى السؤال، لماذا تتجاهل واشنطن مطالب «إسرائيل» المتكررة بالاعتراف بضم الجولان؟، بعض المحللين نقلوا عن مسؤولين أمريكيين أن إدارة ترامب تخشى من رد فعل روسي قوي على مثل هذا التحرك، خصوصاً وأن واشنطن تدرك أنها خسرت سوريا بالفعل لمصلحة موسكو، التي باتت تمسك بخيوط الصراع كافة، كما أن الشرعية الدولية، وقرارات الأمم المتحدة، رفضت كلها ضم الجولان، ولا تزال تعدها وتتعامل معها على أنها أرض محتلة. وفي كل الأحوال، سواء اعترفت واشنطن بقرار الضم أو لم تعترف، فإن ذلك لن يغير من حقيقة أن الجولان أرض عربية سورية محتلة، من المؤكد أنها ستعود إلى أصحابها الشرعيين عند أول تغيير في «موازين القوى»، ولن يكون ذلك بعيداً.

younis898@yahoo.com