القادر بالله أبو العباس القادر بالله

أبو العباس احمد بن إسحاق بن المقتدر ولد سنة ست وثلاثين وثلثمائة وأمه أمة واسمها تمنى وقيل دمنة بويع له بالخلافة بعد خلع الطائع وكان غائبا فقدم في عاشر رمضان وجلس من الغد جلوسا عاما وهنىء وأنشد بين يديه الشعراء من ذلك قول الشريف الرضى شرف الخلافة يا بنى العباساليوم جدده أبو العباس ذا الطود أبقاه الزمان ذخيرةمن ذلك الجبل العظيم الراسى قال الخطيب وكان القادر من السترو الديانة والسيدة وإدامة التهجد بالليل وكثرة البرو الصدقات وحسن الطريقة على صفة اشتهرت عنه وعرف بها كل احد مع حسن المذهب وصحة الأعتقاد تفقه على العلامة أبي بشر الهروى الشافعى وقد صنف كتابا في الأصول ذكر فيه فضائل الصحابة على ترتيب مذهب أصحاب الحديث واورد في كتابه فضائل عمر بن عبد العزيز وإكفار المعتزلة والقائلين بخلق القرآن وكان ذلك الكتاب يقرأ في كل جمعة في حلقة اصحاب الحديث بجامع المهدى وبحضرة الناس ترجمة ابن الصلاح في طبقات الشافعية وقال الذهبى في شوال من سنة ولايته عقد مجلس عظيم وحلف القادر وبهاء الدولةكل منهما لصاحبه بالوفاء وقلده القادر ما وراء بابه مما تقام فيه الدعوة وفيها دعا صاحب مكة أبو الفتوح الحسن بن جعفر العلوى إلى نفسه وتلقب بالراشد بالله وسلم عليه بالخلافة فانزعج صاحب مصر ثم ضعف امر أبى الفتوح وعاد إلى طاعة العزيز العبيدي وفي سنة اثنتين وثمانين ابتاع الوزير ابو نصر سابور ازدشير دارا بالكرخ وعمرها وسماها دار العلم ووقفها على العلماء ووقف بها كتبا كثيرة وفي سنة اربع وثمانين عاد الحاج العراقى من الطريق اعتراضهم الأصيفر الأعرابي ومنعهم الجواز إلا برسمه فعادوا ولم يحجوا ولا حج أيضا اهل الشام ولا اليمن إنما حج أهل مصر وفي سنة سبع وثمانين مات السلطان فخر الدولة وأقيم ابنه رستم مقامه في السلطنة بالرى واعمالها وهو ابن أربع سنين ولقبه القادر مجد الدولة قال الذهبى ومن الأعجوبات هلاك تسعة ملوك على نسق في سنتى سبع وثمانين وثمان وثمانين منصور بن نوح ملك ما وراء النهر وفخر الدولة ملك الرى والجبال والعزيز العبيدى صاحب مصر وفيهم يقول أبو منصور عبدالملك الثعالبى ألم ترمذ عامين أملاك عصرنا يصيح بهم للموت والقتل صائح فنوح بن منصور طوته يد الردىعلى حسرات ضمنها الجوانح ويابؤس منصور ففى يوم سرخستمزق عنه ملكه وهو طائح وفرق عنه الشمل بالسمل واغتدى أميرا ضريرا تعتريه الجوائح وصاحب مصر قد مضى بسبيلهووالى الجبال غيبته الضرائح وصاحب جرجانية في ندامةترصده طرف من الحين طامح وخوارزم شاه شاه وجهه نعيمهوعن له يوم من النحس طالح وكان علا في الأرض يخطبها أبو على الى أن طوحته الطوئح وصاحب بست ذلك الضيغم الذىبراثنه للمشرقين مفاتح أناخ به من صدمه الدهر كلكل فلم تغن عنه والمقدر سانح جيوش إذا أربت على عدد الحصى تغص بها قيعانها والصحاصح ودارت على صمصام دولة بويه دوائر سوء سلبهن فوادح وقد جاز والىالجوزجان قناطر الحياة فوافته المنايا الطوامح وذكر الذهبى أن العزيز صاحب مصر مات سنة ست وثمانين وفتحت له زيادة على آبائه حمص حماة وحلب وخطب له بالموصل وباليمن وضرب اسمه فيها على السكة والأعلام وقام بالأمر بعده ابنه منصور ولقب الحاكم بأمر الله وفي سنة تسعين ظهر بسجستان معدن ذهب فكانوا يصفون من التراب الذهب الأحمر وفي سنة ثلاث وتسعين أمر نائب دمشق الأسودالحاكمى بمغربى فطيف به على حمار ونودى عليه هذا جزاء من يحب أبا بكر وعمر ثم ضرب عنقه رحمه الله ولا رحم قاتله ولا أستاده الحاكم وفي سنة اربع وتسعين قلد بهاء الدولة الشريف أبا أحمد الحسين بن موسى الموسوى قضاء القضاة والحج والمظالم ونقابة الطالبيين وكتب له من شيراز العهد فلم ينظر في القضاء لامتناع القادر من الإذن له وفي سنة خمس وتسعين قتل الحاكم بمصر جماعة من الأعيان صبرا وأمر بكتب سب الصحابة على ابواب المساجد والشوارع وأمر العمال بالسب وفيها أمر بقتل الكلاب وأبطل الفقاع والملوخيا ونهى عن السمك الذى لا قشر له وقتل جماعة ممن باع ذلك بعد نهيه وفي سنة ست وتسعين أمر الناس بمصر والحرمين إذا ذكر الحاكم ان يقوموا ويسجدوا في السوق وفي مواضع الاجتماع وفي سنة ثمان وتسعين وقعت فتنة بين الشيعة واهل السنة في بغداد وكاد الشيخ أبو حامد الإسفراينى يقتل فيها وصاح الرافضة ببغداد يا حاكم يا منصور فأحفظ القادر من ذلك وانفذ الفرسان الذين على بابه لمعاونة اهل السنة فانكسر الروافض وفيها هدم الحاكم بيعة قمامة التى بالمقدس وامر بهدم جميع الكنائس التى بمصر وامر النصارى بأن تحمل في أعناقهم الصلبان طول الصليب ذراع ووزنه خمسة ارطال بالمصري واليهود ان يحملوا في أعناقهم قرم الخشب في زنة الصلبان وان يلبسوا العمائم السود فأسلم طائفة منهم ثم بعد ذلك أذن في إعادة البيع والكنائس واذن لمن أسلم ان يعود إلى دينه لكونه مكرها وفي سنة تسع وتسعين عزل أبو عمرو قاضى البصرة وولى القضاء أبو الحسن ابن ابى الشوارب فقال العصفرى الشاعر عندى حديث طريف بمتله يتغنى عن قاضيين يعزىهذا وهذا يهنى وذا يقول حيراناوذا يقول استرحنا ويكذبان جميعاومن يصدق منا وفيها وهى سلطان بنى أمية بالأندلس وانخرم نظامهم وفي سنة اربعمائة نقصت دجلة نقصانا لم يعهد واكتريت لأجل جزائر ظهرت ولم يكن قبل ذلك قط وفي سنة اثنتين نهى الحاكم عن بيع الرطب وحرقه وعن بيع العنب وأباد كثيرا من الكروم وفي سنة أربع منع النساء من الخروج إلى الطرقات ليلا ونهارا واستمر ذلك إلى ان مات وفي سنة إحدى عشرة قتل الحاكم لعنه الله بحلوان قرية بمصر وقام بعده ابنه على ولقب بالظاهر لإعزاز دين الله وتضعضعت دولتهم في أيامه فخرجت عنهم حلب واكثر الشام وفي سنة اثنتين وعشرين توفى القادر بالله ليلة الاثنين الحادي عشر من ذى الحجة عن سبع وثمانين سنة ومدة خلافته إحدى وأربعون سنة وثلاثة اشهر وممن مات في أيامه من الأعلام أبو أحمد العسكرى الأديب والرمانى النحوى وابو الحسن الماسرجسى شيخ الشافعية وابو عبيد الله المرزبانى والصاحب بن عباد وهو وزير مؤيد الله وهو أول من سمى بالصاحب من الوزراء والدارقطنى الحافظ المشهور وابن شاهين وابو بكر الأودنى إمام الشافعية ويوسف بن السيرافى وابن زولاق المصري وابن أبى زيد المالكى شيخ المالكية وأبو طالب المكى صاحب قوت القلوب وابن بطة الحنبلى وابن سمعون الواعظ والخطابى والحاتمى اللغوى والأدفوى ابو بكر وزاهر السرخسى شيخ الشافعية وابن غلبون المقرىء والكشميهنى رواى الصحيح والمعافى بن زكريا النهروانى وابن خويز منداد وابن جنى والجوهرى صاحب الصحاح وابن فارس صاحب المجمل وابن منده الحافظ والإسماعيلي شيخ الشافعية واصبغ بن الفرج شيخ المالكية وبديع الزمان أول من عمل المقامات وابن لال وابن ابى زمنين وابو حيان التوحيدى والوأواء الشاعر والهروى صاحب الغريبين وأبو الفتح البستى الشاعر والحليمى شيخ الشافعية وابن الفارض وأبو الحسن القابسى والقاضى أبو بكر الباقلانى وابو الطيب الصعلوكى وابن الأكفانى وابن نباته صاحب الخطب والصيمرى شيخ الشافعية والحاكم صاحب المستدرك وابن كج والشيخ أبو حامد الإسفراينى وابن فورك والشريف الرضى وأبو بكر الرازى صاحب الألقاب والحافظ عبدالغنى بن سعيد وابن مردويه وهبة الله بن سلامة الضرير المفسر وابو عبد الرحمن السلمى شيخ الصوفية وابن البواب صاحب الخط وعبدالجبار المعتزلى والمحاملى امام الشافعية وأبو بكر القفال شيخ الشافعية والأستاذ ابو إسحاق الإسفراينى واللالكائى وابن الفخار عالم الأندلس وعلى بن عيسى الربعى النحوى وخلائق أخرون قال الذهبى كان في هذا العصر رأس الأشعرية ابو إسحاق الإسفراينى ورأس المعتزلة القاضى عبدالجبار ورأس الرافضة الشيخ المقتدر ورأس الكرامية محمد بن الهيصم ورأس القراء ابو الحسن الحمامى ورأس المحدثين الحافظ عبدالغنى بن سعيد ورأس الصوفية ابو عبدالرحمن السلمى ورأس الشعراء أبو عمر بن دراج ورأس المجودين ابن البواب ورأس الملوك السلطان محمود بن سبكتكين قلت ويضم إلى هذا رأس الزنادقة الحاكم بأمر الله ورأس اللغويين الجوهرى ورأى النحاة ابن جنى ورأس البلغاء البديع ورأس الخطباء ابن نباتة ورأس المفسرين أبو القاسم بن حبيب النيسابورى ورأس الخلفاء القادر بالله فإنه من أعلامهم تفقه وصنف وناهيك بأن الشيخ تقى الدين ابن الصلاح عده من الفقهاء الشافعية وأورده في طبقاتهم ومدته في الخلافة من أطول المدد