المكتفى بالله أبو محمد المكتفى بالله أبو محمد على بن المعتضد

ولد في غرة ربيع الآخر سنة اربع وستين ومائتين وأمه تركية أسمها جيجك وكان يضرب بحسنها المثل حتى قال بعضهم قايست بين جمالها وفعالهافإذا فإذا الملاحة بالخيانة لا تفى والله لا كلمتها ولو أنهاكالشمس أو كالبدر أو كالمكتفى وعهد إليه أبوه فبويع في مرضه يوم الجمعة بعد العصر لإحدى عشرة بقيت من ربيع الآخر سنة تسع وثمانين قال الصولى وليس من الخلفاء من اسمه على إلا هو وعلى بن أبى طالب رضى الله عنه ولا من يكنى أبا محمد سوى الحسن بن على والهادى والمكتفى ولما بويع له عند موت أبيه كان غائبا بالرقة فنهض بأعباء البيعة الوزير أبو الحسن القاسم بن عبيدالله وكتب له فوافى بغداد في سابع من جمادى الأولى ومر بدجلة في سمارية وكان يوما عظيما وسقط أبو عمر القاضى من الزحمة في الجسر وأخرج سالما ولما نزل المكتفى بدار الخلافة وقالت الشعراء وخلع على القاسم الوزير سبع خلع وهدم المطامير التى اتخذها أبوه وصيرها مساجد وأمر برد البساتين والحوانيت التى أخذها أبوه من الناس ليعملها قصرا إلى أهله وسار سيرة جميلة فأحبه الناس ودعوا له وفي هذه السنة زلزلت بغداد زلزلة عظيمة دامت أياما وفيها هبت ريح عظيمة بالبصرة قلعت عامة نخلها ولم يسمع بمثل ذلك وفيها خرج يحيى بن زكرويه القرمطى فاستمر القتال بينه وبين عسكر الخليفة إلى أن قتل في سنة تسعين فقام عوضه اخوه الحسين وأظهر شامة في وجهه وزعم أنها آيته وجاءه ابن عمه عيسى بن مهرويه وزعم أن لقبه المدثر وأنه المعنىفي السورة ولقب غلاما له المطوق بالنور وظهر على الشام وعاث وأفسد وتسمى بأمير المؤمنين المهدى ودعى له على المنابر ثم قتل الثلاثة في سنة إحدى وتسعين وفي هذه السنة فتحت انطالية باللام من بلاد الروم عنوة وغنم منها ما لا يحصى من الأموال وفي سنة اثنتين زادت دجلة زيادة لم ير مثلها حتى خرجت بغداد وبلغت الزيادة أحدا وعشرين ذراعا ومن شعر الصولى يمدح المكتفى ويذكر القرمطى الى أن قال آل عباس أنتمسادة الناس والغرر حكم الله أنكمحكماء على البشر وأولو الأمر منكم قد كفى المكتفي الخليفة ما كان قد حذر صفوة الله والخير من رأى أن مؤمنامن عصاكم فقد كفر أنزل الله ذاكمقبل في محكم السور قال الصولى سمعت المكتفى يقول في علته والله ما آسى إلا على سبعمائة ألف دينار صرفتها من مال المسلمين في أبنية ما احتجت إليها وكنت مستغنيا عنها أخاف أن أسأل عنها وإنى أستغفر الله منها مات المكتفى شابا في ليلة الأحد لاثنتى عشرة ليلة خلت من ذى القعدةة سنة خمس وتسعين وخلف ثمانية أولاد ذكور وثمان بنات وممن مات في أيامه من الأعلام عبدالله بن أحمد بن حنبل وثعلب إمام العربية وقنبل المقرىء وابو عبدالله البوشنجى الفقيه والبزار صاحب المسند وأبو مسلم الكجى والقاضى ابو حازم وصالح جزرة ومحمد بن نصر المروزى الإمام وأبو الحسن النورى شيخ الصوفية وأبو جعفر الترمذى شيخ الشافعية بالعراق ورأيت في تاريخ نيسابور لعبد الغافر عن أبى الدنيا قال لما أفضت الخلافة إلى المكتفى كتبت إليه بيتين إن الحق التأديب حق الأبوهعند أهل الحجى وأهل المروه وأحق الرجال أن يحفظوا ذاك ويرعوه أهل بيت النبوة قال فحمل إلى عشرة آلاف درهم وهذا يدل على تأخر ابن ابى الدنيا إلى ايام المكتفى