أبو بكر الصديق رضي الله عنه - فصل فيما ورد من كلام الصحابة والسلف الصالح في فضله

أخرج البخاري عن جابر رضي الله عنه قال قال عمر بن الخطاب أبو بكر سيدنا وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عمر رضي الله عنه قال لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح بهم وأخرج ابن أبي خيثمة وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن عمر رضي الله عنه قال إن أبا بكر كان سابقا مبرزا وقال عمر لوددت أبي شعرة في صدر أبي بكر أخرجه مسدد في مسنده وقال وددت أني من الجنة حيث أرى أبا بكر أخرجه ابن أبي الدنيا وابن عساكر وقال لقد كان ريح أبي بكر أطيب من ريح المسك أخرجه أبونعيم وأخرج ابن عساكر عن علي أنه دخل على أبي بكر وهو مسجى فقال ما أحد لقى الله بصحيفته أحب إلى من هذا المسجى وأخرج ابن عساكر عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حدثني عمر بن الخطاب أنه ما سبق أبا بكر إلى خير قط إلا سبقه به وأخرج الطبراني في الأوسط عن علي قال والذي نفسي بيده ما استبقنا إلى خير قط إلا سبقنا إليه أبو بكر وأخرج في الأوسط أيضا عن جحيفة قال قال علي خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبو بكر وعمر لا يجتمع حبى وبغض أبي بكر وعمر في قلب مؤمن وأخرج في الكبير عن ابن عمر قال ثلثة من قريش أصبح قريش وجوها وأحسنها أخلاقا وأثبتا جنانا إن حدثوك لم يكذبوك وإن حدثتهم لم يكذبوك أبو بكر الصديق وأبو عبدية بن الجراح وعثمان بن عفان وأخرج ابن سعد عن إبراهيم النخعي قال كان أبو بكر يسمى الأواه لرأفته ورحمته وأخرج ابن عساكر عن الربيع بن أنس قال مكتوب في الكتاب الأول مثل أبي بكر الصديق مثل القطر أينما وقع نفع وأخرج ابن عساكر عن الربيع بن أنس قال نظرنا في صحابة الأنبياء فما وجدنا نبيا كان له صاحب مثل أبي بكر الصديق وأخرج عن الزهري قال من فضل أبي بكر أنه لم يشك في الله ساعة قط وأخرج عن الزبير بن بكار قال سمعت بعض أهل العلم يقول خطباء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق وعلى بن أبي طالب رضي الله عنهما وأخرج عن أبي حصين قال ما ولد لآدم في ذريته بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر ولقد قام أبو بكر يوم الردة مقام نبي من الأنبياء فصل أخرج الدينوري في المجالسة وابن عساكر عن الشعبي قال خص الله تبارك وتعالى أبا بكر بأربع خصال لم يخص بها أحدا من الناس سماه الصديق ولم يسم أحدا الصديق غيره وهو صاحب الغار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفيقه في الهجرة وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة والمسلمون شهود وأخرج ابن أبي داود في كتاب المصاحف عن جعفر قال كان أبو بكر يسمع مناجاة جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم ولا يراه وأخرج الحاكم عن ابن المسيب قال كان أبو بكر من النبي صلى الله عليه وسلم مكان الوزير فكان يشاوره في جميع أموره وكان ثانيه في الإسلام وثانيه في الغار وثانيه في العريش يوم بدر وثانيه في القبر ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم عليه أحدا فصل في الأحاديث والآيات المشيرة إلى خلافته وكلام الأئمة في ذلك أخرج الترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن حذيفة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر وأخرجه الطبراني من حديث أبي الدرداء والحاكم من حديث ابن مسعود ورضي الله عنه وأخرجه أبو القاسم البغوي بسند حسن عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يكون خلفي اثنا عشر خليفة أبو بكر لا يلبث إلا قليلا صدر هذا الحديث مجمع على صحته وارد من طرق عدة وقد تقدم شرحه في أول هذا الكتاب وفي الصحيحين في الحديث السابق أنه صلى الله عليه وسلم لما خطب قرب وفاته وقال إن عبدا خيره الله الحديث وفي آخره ولا يبقين باب الإسد إلا باب أبي بكر وفي لفظ لهما لا يبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر قال العلماء هذا إشارة إلى الخلافة لأنه يخرج منها إلى الصلاة بالمسلمين وقد ورد هذا اللفظ من حديث أنس رضي الله عنه ولفظه سدوا هذه الأبواب الشارعة في المسجد إلا باب أبي بكر أخرجه ابن عدي ومن حديث عائشة رضي الله عنها أخرجه الترمذي وغيره ومن حديث ابن عباس في زوائد المسند ومن حديث معاوية بن أبي سفيان أخرجه الطبراني ومن حديث أنس أخرجه البزار وأخرج الشيخان عن جبير بن مطعم رضي الله عنه عن أبيه قال أتت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن ترجع إليه قالت أرأيت إن جئت ولم أجدك كأنها تقول الموت قال صلى الله عليه وسلم إن لم تجديني فأتي أبا بكر وأخرج الحاكم وصححه عن أنس رضي الله عنه قال بعثني بنو المصطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن سله إلى من ندفع صدقاتنا بعدك فأتيته فسألته فقال إلى أبي بكر وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تسأله شيئا فقال لها تعودين فقالت يا رسول الله إن عدت فلم أجدك تعرض بالموت فقال إن جئت فلم تجديني فأتي أبا بكر فإنه الخليفة من بعدي وأخرج مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه أدعى لي أبا بكر أباك وأخاك حتى أكتب كتابا فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل أنا أولى ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر وأخرجه أحمد وغيره من طرق عنها وفي بعضها قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي فيه مات ادعى لي عبد الرحمن بن أبي بكر أكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه أحد بعدي ثم قال دعيه معاذ الله أن يختلف المؤمنون في أبي بكر وأخرج مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخلفا لو استخلف قالت أبو بكر قيل لها ثم من بعد أبي بكر قالت عمر قيل لها من بعد عمر قالت أبو عبيدة بن الجراح وأخرج الشيخان عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال مرض النبي صلى الله عليه وسلم فاشتد مرضه فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس قالت عائشة يا رسول الله إنه رجل رقيق القلب إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلى بالناس فقال مري أبا بكر فليصل بالناس فعادت فقال مري أبا بكر فليصل بالناس فإنكن صواحب يوسف فأتاه الرسول فصلى بالناس في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا الحديث متواتر ورد أيضا من حديث عائشة وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وعبد الله بن زمعة وأبي سعيد وعلي بن أبي طالب وحفصة رضي الله عنها وقد سقت طرقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك وما حملني على كثرة مراجعته في الأحاديث المتواتره وفي بعضها عن عائشة رضي الله عنها لقد راجعت إلا أنه لم يقع في قلبي أن يحب الناس بعده رجلا قام مقامه أبدا وإلا أني كنت أرى أنه لن يقوم أحد مقامه إلا تشاءم الناس به فأردت أن يعدل لذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي بكر وفي حديث ابن زمعة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم بالصلاة وكان أبو بكر غائبا فتقدم عمر فصلى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا لا لا يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر يصلىبالناس أبو بكر وفي حديث ابن عمر كبر عمر فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبير فأطلع رأسه مغضبا فقال أين ابن أبي قحافة قال العلماء في هذا الحديث أوضح دلالة على أن الصديق أفضل الصحابة على الإطلاق وأحقهم بالخلافة وأولاهم بالإمامة قال الأشعري قد علم بالضرورة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الصديق أن يصلى بالناس مع حضور المهاجرين والأنصار مع قوله يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فدل على أنه كان أقرأهم أي أعلمهم بالقرآن أنتهى وقد استدل الصحابة أنفسهم بهذا على أنه أحق بالخلافة منهم عمر وسيأتي قوله في فصل المبايعة ومنهم علي وأخرج ابن عساكر عنه قال لقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يصلى بالناس وإني أشاهد وما أنا بغائب وما بي مرض فرضينا لدنيانا ما رضي به النبي صلى الله عليه وسلم لديننا قال العلماء وقد كان معروفا بأهلية الإمامة في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وأخرج أحمد وأبو داود وغيرهما عن سهل بن سعد قال كان قتال بين بني عمرو بن عوف فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فأتاهم بعد الظهر ليصلح بينهم وقال يا بلال إن حضرت الصلاة ولم آت فمر أبا بكر فليصل بالناس فلما حضرت صلاة العصر أقام بلال الصلاة ثم أمر أبا بكر فصلى وأخرج أبو بكر الشافعي في الغيلانيات وابن عساكر عن حفصة رضي الله عنها أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أنت مرضت قدمت أبا بكر قال لست أنا أقدمه ولكن الله يقدمه وأخرج الدارقطنى في الأفراد والخطيب وابن عساكر عن علي رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم سألت الله أن يقدمك ثلاثا فأبى على إلا تقديم أبي بكر وأخرج ابن سعد عن الحسن قال قال أبو بكر يا رسول الله ما أزال أراني أطأ في عذرات الناس قال لتكونن من الناس بسبيل قال ورأيت في صدري كالرقمتين قال سنتين وأخرج ابن عساكر عن أبي بكرة قال أتيت عمر وبين يديه قوم يأكلون فرمى ببصرة في مؤخر القوم إلى رجل فقال ما تجد فيما تقرأ قبلك من الكتب قال خليفة النبي صلى الله عليه وسلم صديقه وأخرج ابن عساكر عن محمد بن الزبير قال أرسلني عمر بن عبد العزيز إلى الحسن البصرى أسأله عن أشياء فجئته فقلت له اشفني فيما اختلف الناس فيه هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلف أبا بكر فاستوى الحسن قاعدا وقال أو في شك هو لا أبالك أي والله الذي لا إله إلا هو لقد استخلفته ولهو كان أعلم بالله وأتقى له وأشد له مخافة من أن يموت عليها لو لم يؤمره وأخرج ابن عدي عن أبي بكر بن عياش قال قال لي الرشيد يا أبا بكر كيف استخلف الناس أبا بكر الصديق قلت يا أمير المؤمنين سكت الله وسكت رسوله وسكت المؤمنون قال والله ما زدتني إلا غما قال يا أمير المؤمنين مرض النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية أيام فدخل عليه بلال فقال يا رسول الله من يصلي بالناس قال مر أبا بكر يصلي بالناس فصلى أبو بكر بالناس ثمانية أيام والوحي ينزل فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم لسكوت الله وسكت المؤمنون لسكوت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعجبه فقال بارك الله فيك وقد استنبط جماعة من العلماء خلافة الصديق من آيات القرآن فأخرج البيهقى عن الحسن البصرى في قوله تعالى يا إيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه قال هو والله أبو بكر وأصحابه لما ارتدت العرب جاهدهم أبو بكر وأصحابه حتى ردوهم إلى الإسلام وأخرج يونس بن بكير عن قتادة قال لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب فذكر قتال أبي بكر لهم إلى أن قال فكنا نتحدث أن هذه الآية نزلت في أبي بكر وأصحابه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه وأخرج ابن أبي حاتم عن جويبر في قوله تعالى قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولى بأس شديد قال هم بنو حنيفة قال ابن أبي حاتم وابن قتيبة هذه الآية حجة على خلافة الصديق لأنه الذي دعا إلى قتالهم وقال الشيخ أبو الحسن الأشعري سمعت أبا العباس بن شريح يقول خلافة الصديق في القرآن في هذه الآية قال لأن أهل العلم أجمعوا على أنه لم يكن بعد نزولها قتال دعوا إليه الإدعاء أبي بكر لهم وللناس إلى قتال أهل الردة ومن منع الزكاة قال فدل ذلك على وجوب خلافة أبي بكر وافتراض طاعته إذ أخبر الله أن المتولي عن ذلك يعذب عذابا أليما قال ابن كثير ومن فسر القوم بأنهم فارس والروم فالصديق هو الذي جهز الجيوش إليهم وتمام أمرهم كان على يد عمر وعثمان وهما فرعا الصديق وقال تعالى وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض الآية قال ابن كثير هذه الآية منطبقة على خلافة الصديق وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره عن عبد الرحمن بن عبد الحميد المهدي قال إن ولاية أبي بكر وعمر في كتاب الله يقول الله وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض الآية وأخرج الخطيب عن أبي بكر بن عياش قال أبو بكر الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن لأن الله تعالى يقول للفقراء المهاجرين إلى قوله أولئك هم الصديقون فمن سماه الله صديقا فليس يكذب وهم قالوا يا خليفة رسول الله قال ابن كثير استنباط حسن وأخرج البيهقي عن الزعفران قال سمعت الشافعي يقول أجمع الناس على خلافة أبي بكر الصديق وذلك أنه اضطر الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجدوا تحت أديم السماء خيرا من أبي بكر فولوه رقابهم وأخرج أسد السنة في فضائله عن معاوية بن قرة قال ما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكون أن أبا بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كانوا يسمونه إلا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كانوا يجتمعون على خطأ ولا ضلال وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنهما قال ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رآه المسلمون سيئا فهو عند الله سيء وقد رأى الصحابة جميعا أن يستخلفوا أبا بكر وأخرج الحاكم وصححه الذهبي عن مرة الطيب قال جاء أبو سفيان ابن حرب إلى علي فقال ما بال هذا الأمر في أقل قريش قلة وأذلها ذلا يعني أبا بكر والله لئن شئت لأملأنها عليه خيلا ورجالا قال فقال على لطالما عاديت الإسلام وأهله يا أبا سفيان فلم يضره ذلك شيئا إنا وجدنا أبا بكر لها أهلا