عمر بن الخطاب رضي الله عنه - فصل في خلافته رضي الله عنه

ولى الخلافة بعهد من أبي بكر في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة قال الزهري استخلف عمر يوم توفي أبو بكر وهو يوم الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة أخرجه الحاكم فقام بالأمر أتم قيام وكثرت الفتوح في أيامه ففي سنة أربع عشرة فتحت دمشق ما بين صلح وعنوة وحمص وبعلبك صلحا والبصرة والأبلة كلاهما عنوة وفيها جمع عمر بالناس على صلاة التراويح قاله العسكري في الأوائل وفي سنة خمس عشرة فتحت الأردن كلها عنوة إلا طبرية فإنها فتحت صلحا وفيهاكانت وقعة اليرموك والقادسية قال ابن جرير وفيها مصر سعد الكوفة وفيها فرض عمر الفروض ودون الدواوين وأعطى العطاء على السابقة وفي سنة ست عشرة فتحت الأهواز والمدائن وأقام بها سعد الجمعة في إيوان كسرى وهي أول جمعة جمعت بالعراق وذلك في صفر وفيها كانت وقعة جلولاء وهزم فيها يزدجرد بن كسرى وتقهقر إلى الري وفيها فتحت تكريت وفيها سار عمر ففتح بيت المقدس وخطب بالجباية خطبته المشهورة وفيها فتحت قنسرين عنوة وحلب وإنطاكية ومنبج صلحا وسروج عنوة وفيها فتحت قرقيسياء صلحا وفي ربيع الأول كتب التاريخ من الهجرة بمشورة علي وفي سنة سبع عشرة زاد عمر في المسجد النبوي وفيها كان القحط بالحجاز وسمى عام الرمادة واستسقى عمر للناس بالعباس أخرج ابن سعد عن نيار الأسلمي أن عمر لما خرج يستسقى خرج وعليه برد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرج عن ابن عون قال أخذ عمر بيد العباس ثم رفعها وقال اللهم إنا نتوسل إليك بعم نبيك أن تذهب عنا المحل وأن تسقينا الغيث فلم يبرحوا حتى سقوا فأطبقت السماء عليهم أياما وفيها فتحت الأهواز صلحا وفي سنة ثمان عشرة فتحت جنديسابور صلحا وحلوان عنوة وفيها كان طاعون عمواس وفهيا فتحت الرها وسميساط عنوة وحران ونصيبين وطائفة من الجزيرة عنوة وقيل صلحا والموصل ونواحيها عنوة وفي سنة تسع عشرة فتحت قيسارية عنوة وفي سنة عشرين فتحت مصر عنوة وقيل مصر كلها صلحا إلا الإسكندرية فعنوة وقال على بن رباح المغرب كله عنوة وفيها فتحت تستر وفيها هلك قيصر عظيم الروم وفيها أجلى عمر اليهود عن خيبر وعن نجران وقسم خيبر ووادي القرى وفي سنة إحدى وعشرين فتحت الإسكندرية عنوة ونهاوند ولم يكن للأعاجم بعدها جماعة وبرقة وغيرها وفي سنة اثنتين وعشرين فتحت أذربيجان عنوة وقيل صلحا والدينور عنوة وما سبذان عنوة وهمذان عنوة وطرابلس المغرب والري وعسكر وقومس وفي سنة ثلاث وعشرين كان فتح كرمان وسجستان ومكران من بلاد الجبل وأصبهان ونواحيها وفي آخرها كانت وفاة سيدنا عمر رضي الله عنه بعد صدوره من الحج شهيدا قال سعيد بن المسيب لما نفر عمر من مني أناخ بالأبطح ثم استلقى ورفع يديه إلى السماء وقال اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيتي فأقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط فما انسلخ ذو الحجة حتى قتل أخرجه الحاكم وقال أبو صالح السمان قال كعب الأحبار لعمر أجدك في التوراة تقتل شهيدا قال وأني لي بالشهادة وأنا بجزيرة العرب وقال أسلم قال عمر اللهم ارزقني شهادة في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك أخرجه البخاري وقال معدان بن أبي طلحة خطب عمر فقال رأيت كأن ديكا نقرني نقرة أو نقرتين وإني لا أراه إلا حضور أجلي وإن قوما يأمروني أن استخلف وإن الله لم يكن ليضيع دينه ولا خلافته فإن عجل بي أمر فالخلافة شورى بين هؤلاء الستة الذين توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راض عنهم أخرجه الحاكم قال الزهري كان عمر رضي الله عنه لا يأذن لسبي قد احتلم في دخول المدينة حتى كتب إليه المغير بن شعبة وهو على الكوفة يذكر له غلاما عنده جملة صنائع ويستأذنه أن يدخل المدينة ويقول إن عنده أعمالا كثيرة فيها منافع للناس إنه حداد نقاش نجار فأذن له أن يرسله المدينة وضرب عليه المغيرة مائة درهم في الشهر فجاء إلى عمر يشتكي شدة الخراج فقال ما خراجك بكثير فانصرف ساخطا يتذمر فلبث عمر ليالي ثم دعاه فقال ألم أخبر أنك تقول لو أشاء لصنعت رحى تطحن بالريح فالتفت إلى عمر عابسا وقال لأصنعن لك رحى يتحدث الناس بها فلما ولى قال عمر لأصحابه أوعدني العبد آنفا ثم اشتمل أبو لؤلؤة على خنجر ذي رأسين نصابه في وسطه فكمن بزاوية من زوايا المسجد في الغلس فلم يزل هناك حتى خرج عمر يوقظ الناس للصلاة فلما دنا منه طعنه ثلاث طعنات أخرجه ابن سعد وقال عمرو بن ميمون الأنصاري إن أبا لؤلؤة عبد المغيرة طعن عمر بخنجر له رأسان وطعن معه اثني عشر رجلا مات منهم ستة فألقى عليه رجل من أهل العراق ثوبا فلما اغتم فيه قتل نفسه وقال أبو رافع كان أبو لؤلؤة عبد المغيرة يصنع الأرحاء وكان المغيرة يستغله كل يوم أربعة دراهم فلقى عمر فقال يا أمير المؤمنين إن المغيرة قد أثقل علي فكلمه فقال أحسن إلى مولاك ومن نية عمر أن يكلم المغيرة فيه فغضب وقال يسع الناس كلهم عدله غيري وأضمر قتله واتخذ خنجرا وشحذه وسمه وكان عمر يقول أقيموا صفوفكم قبل أن يكبر فجاء فقام حذاءه في الصف وضربه في كتفه وفي خاصرته فسقط عمر وطعن ثلاثة عشر رجلا معه فمات منهم ستة وحمل عمر إلى أهله وكادت الشمس تطلع فصلى عبد الرحمن بن عوف بالناس بأقصر سورتين وأتى عمر بنبيذ فشربه فخرج من جرحه فلم يتبين فسقوه لبنا فخرج من جرحه فقالوا لا بأس عليك فقال إن يكن بالقتل بأس فقد قتلت فجعل الناس يثنون عليه ويقولون كنت وكنت فقال أما والله وددت أني خرجت منها كفافا لا على ولا لي وأن صحبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سلمت لي واثنى عليه ابن عباس فقال لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من هول المطلع وقد جعلتها شورى في عثمان وعلى وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد وأمر صهيبا أن يصلي بالناس وأجل الستة ثلاثا أخرجه الحاكم وقال ابن عباس كان أبو لؤلؤة مجوسيا وقال عمرو بن ميمون قال عمر الحمد الله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعى الإسلام ثم قال لابنه يا عبد الله أنظر ما على من الدين فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفا أو نحوها فقال إن وفى مال آل عمر فأده من أموالهم وإلا فأسأل في بني عدي فإن لم تف أموالهم فأسأل في قريش أذهب إلى أم المؤمنين عائشة فقل يستأذن عمر أن يدفن مع صاحبيه فذهب إليها فقالت كنت أريده تعنى المكان لنفسي ولأوثرنه اليوم على نفسي فأتى عبد الله فقال قد أذنت فحمد الله تعالى وقيل له أوص يا أمير المؤمنين واستخلف قال ما أرى أحدا أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر الذين توفى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو عنهم راض فسمى الستة وقال يشهد عبد الله بن عمر معهم وليس له من الأمر شيء فإن أصابت الإمرة سعدا فهو ذاك وإلا فليستعين به أيكم ما أمر فإني لم أعز له من عجز ولا خيانة ثم قال أوصى الخليفة من بعدي بتقوى الله وأوصيه بالمهاجرين والأنصار وأوصيه بأهل الأمصار خيرا في مثل ذلك من الوصية فلما توفي خرجنا به نمشي فسلم عبد الله بن عمر وقال عمر يستأذن فقالت عائشة أدخلوه فأدخل فوضع هناك مع صاحبيه فلما فرغوا من دفنه ورجعوا اجتمع هؤلاء الرهط فقال عبد الرحمن بن عوف اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم فقال الزبير قد جعلت أمري إلى علي وقال سعد قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن وقال طلحة قد جعلت أمري إلى عثمان قال فخلا هؤلاء الثلاثة فقال عبد الرحمن أنا لا أريدها فأيكما يبرأ من هذا الأمر ونجعله إليه والله عليه والإسلام لينظرن أفضلهم في نفسه وليحرص على صلاح الأمة فسكت الشيخان علي وعثمان فقال عبد الرحمن أجعلوه إلى والله على لا آلوكم عن أفضلكم قالا نعم فخلا بعلي وقال لك من القدم في الإسلام والقرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد علمت الله عليك لئن أمرتك لتعدلن ولئن أمرت عليك لتسمعن ولتطعين قال نعم ثم خلا بالآخر فقال له كذلك فلما أخذ ميثاقهما بايع عثمان وبايعه على وفي مسند أحمد عن عمر أنه قال إن أدركني أجلى وأبو عبيدة بن الجراح حتى استخلفته فإن سألني ربي قلت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن لكل نبي أمينا وأميني أبو عبيدة بن الجراح فإن أدركني أجلى وقد توفي أبو عبيدة استخلفت معاذ بن جبل فإن سألني ربي لم استخلفته قلت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنه يحشر يوم القيامة بين يدي العلماء نبدة وقد ماتا في خلافته وفي المسند أيضا عن أبي رافع أنه قيل لعمر عند موته في الاستخلاف فقال قد رأيت من أصحابي حرصا سيئا ولو أدركني أحد رجلين ثم جعلت هذا الأمر إليه لوثقت به سالم مولى أبي حذيفة وأبو عبيدة بن الجراح أصيب عمر يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة ودفن يوم الأحد مستهل المحرم الحرام وله ثلاث وستون سنة وقيل ست وستون سنة وقيل إحدى وستون وقيل ستون ورجحه الواقدي وقيل تسع وخمسون وقيل خمس أو أربع وخمسون وصلى عليه صهيب في المسجد وفي تهذيب المزني كان نقش خاتم عمر كفى بالموت واعظا يا عمر وأخرج الطبراني عن طارق بن شهاب قال قالت أم أيمن يوم قتل عمر اليوم وهي الإسلام وأخرج عبد الرحمن بن يسار قال شهدت موت عمر بن الخطاب فانكسفت الشمس يومئذ رجاله ثقات