باب ذكر ما اختلف فيه أبو جعفر وشيبة

باب ذكر ما اختلف فيه أبو جعفر وشيبة
وذلك ست آيات أخبرنا أبو الفتح قال أنا أحمد قال أنا أبو بكر الرازي قال أنا أبو العباس المقرىء قال قال أبو عبد الله المقرىء في آل عمران ( ) مما تحبون ( ) آية في قول شيبة وليست في قول أبي جعفر ( ) مقام إبراهيم ( ) آية في قول أبي جعفر وليست في قول أبي شيبة وفي والصافات ( ) وإن كانوا ليقولون ( ) آية في قول شيبة وليست في قول أبي جعفر وفي عبس ( ) إلى طعامه ( ) آية في قول شيبة وليست في قول أبي جعفر قال أبو عبد الله وعد شيبة في تبارك ( ) بلى قد جاءنا نذير ( ) ولم يعدها أبو جعفر وعد أيضا في إذا الشمس كورت ( ) فأين تذهبون ( )
قال الحافظ وتفرد أبو جعفر دون أهل العدد بإسقاط ثلاث آيات ( ) وإن كانوا ليقولون ( ) و ( ) إلى طعامه ( ) و ( ) فأين تذهبون ( ) باب ذكر البيان عن معنى السورة والآية والفاصلة والكلمة والحرف
فأما السورة فسميت بذلك لأنها يرتفع فيها من منزلة إلى منزلة كسورة البناء

أنشدونا للنابغة
ألم تر أن الله أعطاك سورة
ترى كل ملك دونها يتذبذب
أي منزلة شرف ارتفعت إليها عن منازل الملوك وقيل سميت بذلك لشرفها وارتفاعها كما يقال لما ارتفع من الأرض سور وقيل سميت بذلك لأنها قطعة من القرآن على حدة من قول العرب للبقية سؤر وجاءني سائر الناس أي بقاياهم أيضا فعلى هذا يكون الأصل سؤرة بالهمز ثم خففت فأبدلت واوا لانضمام ما قبلها وقيل سميت بذلك لتمامها وكمالها من قول العرب للناقة التامة سورة
وأما الآية فهي العلامة أي أنها علامة لانقطاع الكلام الذي قبلها من الذي بعدها وانفصالها وتقول العرب بيني وبينك فلان آية أي علامة ومن ذلك قوله تعالى ( ) إن آية ملكه ( ) أي علامته وأنشدونا للنابغة
( توهمت آيات لها فعرفتها لستة أعوام وذا العام سابع )
أي علامات وقيل سميت آية لأنها جماعة من القرآن وطائفة منه كما يقال خرج القوم بآيتهم أي بجماعتهم وقيل سميت آية لأنها عجب لعجز البشر عن التكلم بمثلها
وقد اختلف النحويوين في أصلها فقال الخليل أصلها أيية على وزن فعلة بفتح الفاء والعين مثل أمنة فلما تحركت الياء وانفتح ماقبلها انقلبت ألفا

وصارت آية بهمزة بعدها مدة وقال الكسائي آيية على وزن فاعلة بكسر العين مثل آمنة فلما اجتمع المثلان وجب الإدغام فحذفت الياء الأولى فصارت آية بياء واحدة كالأول وقال سيبويه والأخفش والفراء أصلها أية بياء مشددة قبلها همزة على وزن فعلة بإسكان العين مثل أنه فأبدلت الياء الأولى الساكنة ألفا كراهة للتشديد فصارت آية
وأما الفاصلة فهي الكلام التام المنفصل مما بعده والكلام التام قد يكون رأس آية وكذلك الفواصل يكن رؤوس آي وغيرها فكل رأس آية فاصلة وليس كل فاصلة رأس آية فالفاصلة تعم النوعين وتجمع الضربين
وأما الكلمة فهي كما قلناه قبل الصورة القائمة بجميع ما يختلط بها من الشبهات وأطول الكلم في كتاب الله عز وجل ما بلغ عشرة أحرف نحو قوله ( ) ليستخلفنهم ( وأنلزمكموها ) و ( ) اقترفتموها ( ) وشبهه فأما قوله تعالى ( ) فأسقيناكموه ( ) فهو عشرة أحرف في الرسم وأحد عشر حرفا في اللفظ ولا نظير له وأقصر الكلم ما كان على حرفين نحو ما ولا ولك وله وما أشبه ذلك وقد تكون الكلمة وحدها آية تامة نحو قوله تعالى ( ) والفجر ( ) و ( ) والضحى ( ) و ( ) والعصر ( ) وكذلك ( ) الم ( ) و ( ) المص ( ) و ( ) طه ( ) و ( ) يس ( ) و ( ) حم ( ) في قول الكوفيين وذلك في فواتح السور فأما في حشوهن فلا أعلم كلمة هي وحدها آية في ذلك إلا قوله تعالى في الرحمن ( ) مدهامتان ( ) لا غير وقد أتت كلمتان متصلتان وهما آيتان وذلك في قوله تعالى ( ) حم عسق ( ) على قول الكوفيين لا غير
وقد تكون الكلمة في غير هذا الآية الكاملة والكلام القائم بنفسه وإن كان

أكثر أو أقل قال الله تعالى ( ) وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ( ) قيل إنما يعي بالكلمة ها هنا قوله تبارك وتعالى ( ) ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ( ) إلى آخر الآيتين وقال عز وجل ( ) وجعلها كلمة باقية في عقبه ( ) وقال تعالى ( ) وألزمهم كلمة التقوى ( ) قال مجاهد هي لا إله إلا الله وقال النبي كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
وقد تسمي العرب القصيدة بأسرها والقصة كلها كلمة فيقولون قال قيس في كلمته كذا وكذا أي في خطبته وقال زهير في كلمته كذا أي في قصيدته وقال فلان في كلمته يعنون في رسالته فتسمى جملة الكلام كلمة إذ كانت الكلمة منها على عادتهم في تسميتهم الشيء باسم ما هو منه وما قاربه وجاوره وما كان لسبب منه مجازا واتساعا
وأما الحرف فهو الشبهة القائمة وحدها من الكلمة وذلك معنى ما حكاه أهل اللغة المقطوع من حروف المعجم وقول ابن مسعود في الخبر الذي قدمناه عنه في ( ) الم ( ) أن الألف حرف واللام حرف والميم حرف يبين ذلك ويحققه وقد يسمى الحرف كلمة وتسمى الكلمة حرفا على ما بيناه من الاتساع والمجاز

فإن قيل فكيف يسمى ما كان من حروف الهجاء في الفواتح على حرف واحد نحو ( ) ص ( ) و ( ) ق ( ) و ( ) ن ( ) حرفا أم كلمة قلت كلمة لا حرفا وذلك من قبل أن الحرف الذي هو الشبهة وحدها لا يسكت عليه ولا ينفرد وحده في الصورة ولا ينفصل مما يختلط به وهذه الحروف مسكوت عليها منفردة منفصلة كانفراد الكلم وانفصالهن فلذلك سميت كلمات لا حروفا
قال الحافظ وقد يكون الحرف في غير هذا المذهب والوجه قال الله عز وجل ( ) ومن الناس من يعبد الله على حرف ( ) أي على وجه ومذهب ومن ذلك قول النبي أنزل القرآن على سبعة أحرف أي أوجه من اللغات