لزوم المعتدة بيت الزوجية

أشهر أو أربعة أشهر وعشرا، وإذا كانت بالحيض فإنها تنقضي بثلاث حيضات وذلك يعرف من جهة المرأة نفسها (1)
لزوم المعتدة بيت الزوجية:
يجب على المعتدة أن تلزم بيت الزوجية حتى تنقضي عدتها، ولا يحل لها أن تخرج منه، ولا يحل لزوجها أن يخرجها منه، ولو وقع الطلاق أن حصلت الفرقة وهي غير موجودة في بيت الزوجية وجب عليها أن تعود إليه بمجرد علمها: يقول الله تعالى: " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن واحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة (2) ، وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه " (3) .
وعن الفريعة بنت مالك بن سنان - وهي أخت أبي سعيد الخدري: أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة، فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا (4) ، حتى إذا كانوا بطرف القدوم (5) لحقهم فقتلوه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرجع إلى أهلي فإني لم يتركني في مسكن يملكه ولانفقة؟، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، قالت: فخرجت حتى إذا كنت في

(1) كانت بعض النساء تكذب وتدعي أن عدتها لم تنقض وأنها لم تر الحيضات الثلاث لتطول العدة ولتتمكن من أخذ النفقة مدة طويلة، وكان ذلك مثارا لشكوى الرجال، فتدارك القانون رقم 25 لسنة 1929 هذه الحال، فجاء في المادة 17 منه ما نصه: " لا تسمع الدعوى لنفقة عدة لمدة تزيد على سنة من تاريخ الطلاق ". وجاء في المذكرة الايضاحية لهذه المادة: " فقطعا لهذه الادعاءات الباطلة، وبناء على ما قرره الاطباء من أن أكثر مدة الحمل سنة وضعت الفقرة الاولى من المادة 17 ومنعت المعتدة من دعواها نفقة العدة لاكثر من سنة من تاريخ الطلاق، فتقرر بذلك مدة استحقاق النفقة، وليس معناه تحديد مدة العدة شرعا، فان مدة العدة ثلاث حيضات ".
(2) سورة الطلاق الاية 1.
(3) قال ابن عباس: الفاحشة المبينة أن تبذو على أهل زوجها فإذا بذت على الاهل حل إخراجها.
(4) هربوا.
(5) موضع على ستة أميال من المدينة

الحجرة أو في المسجد دعاني أو أمربي فدعيت له فقال: كيف قلت؟ فرددت عليه القصة التي ذكرت من شأن زوجي، فقال: امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله.
قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا.
قالت: فلما كان عثمان بن عفان أرسل إلي فسألني عن ذلك فأخبرته، فأتبعه وقضى به.
رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي وقال حسن صحيح.
وكان عمر يرد المتوفى عنهن أزواجهن من البيداء ويمنعهن الحج.
ويستثنى من ذلك المرأة البدوية إذا توفي عنها زوجها فإنها ترتحل مع أهلها إذ اكان أهلها من أهل الارتحال.
وخالف في ذلك عائشة وابن عباس وجابر بن زيد والحسن وعطاء، وروي عن علي وجابر.
فقد كانت عائشة تفتي المتوفى عنها زوجها بالخروج في عدتها وخرجت بأختها أم كلثوم، حين قتل عنها طلحة بن عبد الله إلى مكة في عمرة.
وقال عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج قال أخبرني عطاء عن ابن عباس أنه قال: إنما قال الله عزوجل: تعتد أربعة أشهر وعشرا، ولم يقل تعتد في بيتها، فتعتد حيث شاءت.
وروى أبو داود عن ابن عباس أيضا قال: نسخت هذه الاية عدتها عند أهله، وسكتت في وصيتها، وإن شاءت خرجت، لقول الله تعالى: " فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن (1) " قال عطاء: ثم جاء الميراث فنسخ السكنى تعتد حيث شاءت.
اختلاف الفقهاء في خروج المرأة في العدة: وقد اختلف الفقهاء في خروج المرأة في العدة.
فذهب الاحناف إلى أنه لا يجوز للمطلقة الرجعية ولا للبائن الخروج من بيتها ليلا ولانهارا.
وأما المتوفى عنها زوجها فتخرج نهارا وبعض الليل، ولكن لا تبيت إلا في منزلها.
قالوا: والفرق بينهما أن المطلقة نفقتها في مال زوجها، فلا يجوز لها

(1) سورة البقرة آية. 24

الخروج كالزوجة، بخلاف المتوفى عنها زوجها فإنها لانفقة لها، فلابد أن تخرج بالنهار لاصلاح حالها.
قالوا: وعليها أن تعتد في المنزل الذي يضاف إليها بالسكنى حال وقوع الفرقة.
وقالوا: فإن كان نصيبها من دار الميت لا يكفيها، أو أخرجها الورثة من نصيبهم انتقلت، لان هذا عذر، والكون في بيتها عبادة، والعبادة تسقط بالعذر، وعندهم: ان عجزت عن كراء البيت الذي هي فيه لكثرته، فلها أن تنتقل إلى بيت أقل كراء منه.
وهذا من كلامهم يدل على أن أجرة المسكن عليها.
وإنما تسقط السكنى عنها لعجزها عن أجرته، ولهذا صرحوا بأنها تسكن في نصيبها من التركة إن كفاها.
وهذا لانه لاسكنى عندهم للمتوفى عنها زوجها - حاملا كانت أو حائلا - (1) وإنما عليها أن تلزم مسكنها الذي توفي زوجها وهي فيه، ليلا ونهارا.
فإن بدله لها الورثة، وإلا كانت الاجرة عليها.
ومذهب الحنابلة جواز بالخروج نهارا، سواء كانت مطلقة أو متوفى عنها زوجها.
قال ابن قدامة: وللمعتدة الخروج في حوائجها نهارا، سواء كانت مطلقة أو متوفي عنها زوجها، قال جابر: طلقت خالتي ثلاثا فخرجت تجد (2) نخلها فلقيها رجل فنهاها فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: " أخرجي فجذي نخلك لعلك أن تتصدقي منه أو تفعلي خيرا " رواه النسائي وأبو داود، وروى مجاهد، قال: استشهد رجال يوم أحد فجاء نساؤهم رسول الله، وقلن: يارسول الله نستوحش بالليل أفنبيت عند إحدانا؟ فإذا أصبحنا بادرنا إلى بيوتنا؟ فقال: " تحدثن عند إحداكن حتى إذا أردتن النوم فلتؤب كل واحدة إلى بيتها ".
وليس لها المبيت في غير بيتها، ولا الخروج ليلا إلا لضرورة، لان الليل

(1) وعند الحنابلة لاسكنى لها إذا كانت حائلا، وإن كانت حاملا ففي روايتين.
وللشافعي
قولان.
وعند مالك أن لها السكنى.
(2) تجذ: تقطع