وجوب المتعة

حكم أبيها في ذلك، وتبلغ إلى مهر مثلها ولا بد، إذ أن المهر حق لها، ولا
حكم لابيها في مالها..وقال أبو حنيفة: إذا زوج الاب ابنته الصغيرة، ونقص من مهرها، جاز ذلك عليها، ولا يجوز ذلك لغير الاب والجد.
تشطير المهر:
يجب على الزوج نصف المهر إذا طلق زوجته قبل الدخول بها، وكان قد فرض لها قدر الصداق، لقوله تعالى: " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم، إلا أن يعفون (1) أو يعفو الذي بيده عقدة (2) النكاح، وأن تعفوا أقرب للتقوى.
ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير (3) ".
وجوب المتعة:
إذا طلق الرجل زوجته قبل الدخول، ولم يفرض لها صداقا، وجب عليه المتعة تعويضا لها عما فاتها.
وهذا نوع من التسريح الجميل، والتسريح بإحسان، قال الله تعالى: " فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان (4) ".
وقد أجمع العلماء على أن التي لم يفرض لها، ولم يدخل بها، لا شئ لها غير المتعة.
والمتعة تختلف باختلاف ثروة الرجل. وليس لها حد معين، قال الله تعالى: " لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة.
ومتعوهن على

(1) يعفون: أي النساء المكلفات.
(2) بيده عقده النكاح: هو الزوج وقيل هو الولي.
(3) سورة البقرة الاية 237.
(4) سورة البقرة الاية: 229.

الموسع (1) قدره (2) وعلى المقتر (3) قدره، متاعا بالمعروف (4) حقا على المحسنين (5) .
سقوط المهر:
ويسقط المهر كله عن الزوج، فلا يجب عليه شئ للزوجة في كل فرقة كانت قبل الدخول من قبل المرأة، كأن ارتدت عن الاسلام.
أو فسخت العقد لاعساره، أو عيبه، أو فسخه هو بسبب عيبها، أو بسبب خيار البلوغ.
ولا يجب لها متعة، لانها أتلفت المعوض قبل تسليمه، فسقط البلد كله كالبائع يتلف المبيع قبل تسليمه.
ويسقط المهر كذلك، إذا أبرأته قبل الدخول بها أو وهبته له، فإنه في هذه الحال يسقط بإسقاطها له.
وهو حق خالص لها.
الزيادة على الصداق بعد العقد: قال أبو حنيفة: إن الزيادة على الصداق بعد العقد ثابتة إن دخل بالزوجة، أو مات عنها، فأما إن طلقها قبل الدخول، فإنها لا تثبت، وكان لها نصف المسمى فقط (6) .
وقال مالك: الزيادة ثابتة إن دخل بها، فإن طلقها قبل الدخول فلها نصفها مع نصف المسمى.
وإن مات قبل الدخول وقبل القبض بطلت، وكان لها المسمى بالعقد.
وقال الشافعي: هي هبة مستأنفة.
إن قبضها جازت وإن لم يقبضها بطلت.
وقال أحمد: حكمها حكم الاصل.
مهر السر ومهر العلانية:
إذا اتفق العاقدان في السر على مهر، ثم تعاقدا في العلانية بأكثر منه.

(1) الموسع: ذو السعة وهى البسطة والغنى.
(2) قدره: طاقته.
(3) المقتر الفقير قليل المال.
(4) متاعا بالمعرو ف: المعروف ما يتعارف عليه الناس بينهم.
(5) سورة البقرة الاية 236.
(6) هذا ما جرى عليه العمل.

ثم اختلفا إلى القضاء فبم يحكم القاضي.
؟ قال أبو يوسف: يحكم بما اتفقا عليه سرا، لانه يمثل الارادة الحقيقية وهو مقصد العاقدين.
وقيل: يحكم بمهر العلانية، لانه هو المذكور في العقد، وما كان سرا فعلمه إلى الله، والحكم يتبع الظاهر.
وهو مذهب أبي حنيفة، ومحمد، وظاهر قول أحمد في رواية الاثرم، وقول الشعبي وابن أبي ليلى، وأبي عبيد.
قبض المهر:
إذا كانت الزوجة صغيرة، فللاب قبض صداقها، لانه يلي مالها، فكان له قبضه كثمن مبيعها.
وإن لم يكن لها أب ولا جد، فلوليها المالي قبض صداقها، ويودعه في المحاكم الحسبية، ولا يتصرف فيه إلا بإذن من المحكمة المختصة.
أما صداق الثيب الكبيرة فلا يقبضه إلا بإذنها، إذا كانت رشيدة، لانها المتصرفة في مالها.
والاب إذا قبض المهر بحضرتها، اعتبر ذلك إجازة منها بالقبض إذا سكتت، وتبرأ ذمة الزوج، لان إذنها في قبض صداقها كثمن مبيعها.
وفي البكر البالغة العاقلة: أن الاب لا يقبض صداقها إلا بإذنها إذا كانت رشيدة (1) ، كالثيب.
وقيل: له قبضه بغير إذنها، لانها العادة، ولانها تشبه الصغيرة.

(1) سن الرشد بمقتضى القوانين المصرية إحدى وعشرون سنة

الجهاز الجهاز هو الاثاث الذي تعده الزوجة هي وأهلها ليكون معها في البيت، إذا دخل بها الزوج.
وقد جرى العرف، على أن تقدم الزوجة، وأهلها، بإعداد الجهاز وتأثيث البيت.
وهو أسلوب من أساليب إدخال السرور على الزوجة بمناسبة زفافها.
وقد روى النسائي عن علي رضي الله عنه قال: " جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة في خميل، وقربة، ووسادة حشوها إذخر ".
وهذا مجرد عرف جرى عليه الناس، وأما المسؤول عن إعداد البيت إعدادا شرعيا، وتجهيز كل ما يحتاج له من الاثاث، والفرش، والادوات، فهو الزوج، والزوجة لا تسأل عن شئ من ذلك، مهما كان مهرها، حتى ولو كانت زيادة المهر من أجل الاثاث، لان المهر إنما تستحقه الزوجة في مقابل الاستمتاع بها، لا من أجل إعداد الجهاز لبيت الزوجية، فالمهر حق خالص لها، ليس لابيها، ولا لزوجها، ولا لاحد حق فيه.
وقد رأى المالكية: أن المهر ليس حقا خالصا للزوجة، ولهذا لا يجوز لها أن تنفق منه على نفسها، ولا تقضي منه دينا عليها، وإن كان للمحتاجة أن تنفق منه، وتلتمس بالشئ القليل بالمعروف، وأن تقضي منه الدين القليل كالدينار إذا كان المهر كثيرا.
وإنما ليس لها شئ من ذلك الذي ذكرناه، لان عليها أن تتجهز لزوجها بالمعروف، أي بما جرت به العادة في جهاز مثلها لمثله بما قبضته من المهر قبل الدخول، إن كان حالا، أو بما تقبضه منه إذا كان مؤجلا، وحل الاجل

(1) الخميل: القطيفة، وهي كل ثوب له خميل ووبر من أي شئ والاذخر نبت طيب الرائحة تحشى به الوسائد

قبل الدخول بها، فإن تأخر قبض شئ من المهر حتى دخل زوجها بها، لم يكن عليها أن تتجهز بشئ مما تقبضه من بعد إلا إذا كان ذلك مشروطا، أو جرى به العرف.
وقد استوحى واضعو مشروع قانون الاحوال الشخصية، مذهب الامام مالك في هذه الناحية، فقد جاء في المادة رقم 66 منه: " أن الزوجة تلتزم بتجهيز نفسها بما يتناسب وما تعجل من مهر قبل الدخول، ما لم يتفق على غير ذلك، فإذا لم يعجل شئ من المهر فلا تلتزم بالجهاز، إلا بمقتضى الاتفاق أو العرف " (1) .
والجهاز إذا اشترته الزوجة بمالها، أو اشتراه لها أبوها فهو ملك خالص لها، ولاحق للزوج ولا لغيره فيه، ولها أن تمكن زوجها وضيوفه من الانتفاع به، كما أن لها أن تمتنع عن التمكين من الانتفاع، وإذا امتنعت لا تجبر عليه.
وقال مالك: يجوز للزوج أن ينتفع بجهاز زوجته الانتفاع الذي جرى به العرف.

(1) ص 214 أحكام الاحوال الشخصية الدكتور يوسف موسى