باب في تاريخ الروم والسريانيين وأسماء شهورهم

قد ذكرنا أنّ السّنة عند الروم والسّريانيين ثلاثمائة يوم وخمسة وستون يوما وربع يوم مثل سنة الشمس سواء. فأمّا شهورهم فهي اثنا عشر شهرا استوفوا فيها أيام السّنة ، فصارت مختلفة في العدّة. وهذه أسماؤهم بلغة كل فريق منهم (١) ، وعدّة أيام كلّ شهر منها.

أوّلها : تشرين الأوّل بلغة السّريانيين ، واسمه بلغة الروم أكتوبر ، وهو أحد وثلاثون يوما.

ثم تشرين الثاني ، واسمه بلغة الروم نونبر ، وهو ثلاثون يوما.

ثم كانون الأوّل ، واسمع بلغة الروم دجنبر ، وهو أحد وثلاثون يوما.

ثم كانون الآخر ، واسمه بلغة الروم يناريه ، وهو أحد وثلاثون يوما.

ثم شباط ، وهو بلغة الروم فبراريه ، وهو ثمانية وعشرون يوما.

ثم آذار ، واسمه بلغة الروم مارسه ، وهو أحد وثلاثون يوما.

ثم نيسان ، واسمع بلغة الروم أبريل وهو ثلاثون يوما.

ثمّ أيّار ، واسمه بلغة الروم مايه ، وهو أحد وثلاثون يوما.

__________________

(١) أسماء الشهور السريانية بعضها عبراني الأصل ، أخذوها من اليهود ، لأن السريان مزجوا بين شهور الروم وشهور اليهود (أنظر الآثار الباقية ٥٩). أما أسماء شهور الروم فإن أصولها لاتينية.

وانظر لأسماء شهور السريان الآثار الباقية ٥٩ ـ ٦٠ ، ونهاية الأرب ١ / ١٦٠ ـ ١٦٣ ، ولأسماء شهور الروم الآثار الباقية ٥٠ ـ ٥١ ، ونهاية الأرب ١ / ١٦٠ ـ ١٦١.

وانظر أيضا (باب معرفة الشهور الشمسية وأسمائها) في هذا الكتاب ، وهو آخر أبوابه.

 

ثم حزيران ، واسمه بلغة الروم يونيه ، وهو ثلاثون يوما.

ثم تمّوز ، واسمه بلغة الروم يوليه ، وهو أحد وثلاثون يوما.

ثمّ آب ، واسمه بلغة الروم أوسه ، وبعضهم يسمّيه أغشت ، وهو أحد وثلاثون يوما.

ثمّ أيلول ، واسمه بلغة الروم شتنبر ، وهو ثلاثون يوما

واعلم أنّهم لما وجدوا في أيام السّنة كسرا ، وهو الربع الزائد على ثلاثمائة وخمسة وستين يوما أسقطوا ذلك الكسر ، لأن إثباته يؤدّي إلى فساد واختلاط في حساب الشهور. إذ لو ثبت في آخر شهر لانكسر سائر الشهور التي بعده ، ولم يقع تداخلها (١) في أوائل الأيام. ثم لم يسقطوا هذا الكسر إسقاط ترك وإلغاء ، لأن ذلك يخلّ بالغرض الذي قصدوه من مواطأة (٢) حساب الشمس ، ولكنهم جعلوه موقوفا ينتظرون اتّحاده ، لأنه يزيد في كل سنة رابعة (٣) من سنيهم يوما ، ويجعلونه في آخر شباط ، ويسمّون تلك السّنة كبيسة (٤) فتكون (٥) أيام السّنة الكبيسة ثلاثمائة يوم وستة وستين يوما ويكون شباط فيها تسعة وعشرين يوما (٦).

__________________

(١) يعنى دخول الشهور ، أي ابتداؤها.

(٢) في الأصل المخطوط : مواطلة ، وهو تصحيف.

(٣) في الأصل المخطوط : أربعة ، وهو غلط.

(٤) أنظر الآثار الباقية ١٠.

(٥) في الأصل المخطوط ، فيكون.

(٦) وقد ذكر أبو الريحان البيروني علة جعل الكبس في شباط فقال : «وإنما أضيف ـ الكبس إلى شباط دون غيره من الشهور لأن آذار الأول وهو شهر كبس اليهود في العبور (العبور كبس شهر واحد في كل مائة وعشرين سنة) يقع فيه وحواليه».

أنظر الآثار الباقية ٢٥٢.

وذكر أيضا علة جعل شباط ثمانية وعشرين يوما : «ثم إنهم كانوا قصدوا قبل ذلك كبش شهر بيوم في كل أربع سنين. فراموا تمييزه من سائر الشهور لمخالفة عدد أيامه عدد أيامها في كل حال من حالتي السنة ، وامتنع المرام فيه لو كان زائدا (أي ٣١ يوما) أو تاما (أي ٣٠ يوما) أو ناقصا (أي ٢٩ يوما) ، وأمكن فيه لو كان قاصرا عن الناقص بيوم ، أو مزيدا على الزائد بيوم. لكن القاصر أقرب إلى الشهر الحقيقي الذي هو القمري ، ويزداد اقترابا منه ومن الشهر الشمسي في سنة الكبس. والمزيد على الزائد أبعد عنه ، ويزداد عند الكبس تباعدا عن كليهما. فاستقر الأمر على أن جعلوه لذلك ثمانية وعشرين يوما». أنظر القانون المسعودي ٧٤ ـ ٧٥. وانظر لذلك أيضا الآثار الباقية ٢٥١.

 

وأمّا السّنة التي ليست بكبيسة فأيامها ثلاثمائة وخمسة وستون يوما لا غير ، وشباط فيها ثمانية وعشرون يوما لا يزيد عليها شيئا :

فأمّا قولهم في السنة الأولى سنة ربع ، وفي الثانية سنة نصف ، وفي الثالثة سنة ثلاثة أرباع ، فليس معناه أنّ ثمّ ربعا أو نصفا مثبتا في آخر شباط ، وإنما هي تسمية يتوصّل بها إلى معرفة السّنة الرابعة الكبيسة التي فيها زيادة يوم. فإذا قال القائل : هذه سنة ربع ، فكأنه قال هي السّنة الأولى ، وكذلك قوله : سنة نصف كقوله السّنة الثانية ، وقوله سنة ثلاثة أرباع كقوله السنة الثالثة.

واعلم أنّ الروم يؤرّخون بملك ذي القرنين (١) ، كما يؤرّخ المسلمون بهجرة النبي ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وكان ملك ذي القرنين في سنة خمسة آلاف ومائة وثمان وتسعين من سني آدم ، عليه أفضل السلام. وكان أوّل أكتوبر في تلك السنة يوم الاثنين ، وكانت سنة نصف. فأوّل شهور السّنة عند الروم في حساب ذي القرنين أكتوبر ، وهو تشرين الأوّل ؛ وكذلك هو عند السّريانيين. فكلما دخل أكتوبر فقد مضت سنة من سنيهم ، ودخلت أخرى.

__________________

(١) المقصود بذي القرنين هاهنا هو الإسكندر الكبير المكدوني (الآثار الباقية ٣٦ ـ ٣٧ ، وكان مولد المسيح ، عليه‌السلام ، في سنة ثلاثمائة واثنتي عشرة من ملك ذي القرنين ، كما يذكر المؤلف بعد قليل.

 

وللروم أيضا تاريخ آخر ، ميلاد المسيح ، عليه‌السلام. وأوّل (١) السّنة فيه يناريه. وذلك أن مولد المسيح ، عليه‌السلام ، كان في خمسة ق وعشرين من دجنبر ، وهو كانون الأوّل في سنة ثلاثمائة واثنتي عشرة (٢) من ذي القرنين. وكان أوّل شهر دخل بعد مولد المسيح يناريه ، فجعل أوّل السّنة في التاريخ المنسوب إليه.

__________________

(١) في الأصل المخطوط : فأول ، وما أثبتناه أجود.

(٢) في الأصل المخطوط : عشر وهو غلط.