ما جاء في السحر وعلاجه

وعن محمد بن المنكدر أن امرأة قالت لعائشة: يا أم المؤمنين، هل علي من جناح أقيد جملي؟ فقالت: اخرجوا عني الساحرة. ثم أمرت بمكانها فصب عليه ماء وملح.
قال عبد الملك: تعني بقولها أقيد جملي أن تسحر زوجها: وكانت عائشة تأمر بدفن الأظفار والشعر، ودم المحاجم مخافة أن يسحر فيه.
وروت عمرة أن عائشة - رضي الله عنها - كانت برت جارية لها ثم إن عائشة اشتكت بعد ذلك ما شاء الله. ثم دخل عليها رجل سندي فقال: إنك مطبوبة. قالت: ومن طبني؟
قال: امرأة من نعتها كذا وكذا. فوصفها لها في حجرها صبي قد بال عليها.
قالت عائشة: أي فلانة، لجارية كانت تخدمها. فوجدتها عند جيران لها وفي حجرها صبي قد بال فلما غسلت بول صبيها جاءت فقالت لها عائشة: سحرتني؟ قالت: نعم. قالت: ولم؟ قالت: أحببت العتق. قالت عائشة: أحببت العتق والله لا تعتقين أبدا. ثم أمرت عائشة ابن أخيها أن يبيعها من الأعراب ممن يسيء ملكها فباعها.
قالت عائشة: ثم ابتع بثمنها رقبة حتى اعتقها ففعل. قالت عمرة: فلبث ما شاء الله من الزمان، ثم إنها رأت في المنام أن تغتسل من ثلاث آبار يمد بعضها بعضا فإنك تشفين.
قالت عمرة: فدخل على عائشة ابن أخيها وعبد الرحمن بن سعيد بن زرارة فذكرت عائشة لهما ذلك فانطلقا إلى قباء فوجدا آبارا ثلاثا يمد بعضها بعضا فاستقيا من
كل بئر ثلاثة سحب حتى [ملأ] السحب من جميعهن، ثم أتوا به عائشة فاغتسلت به فشفيت. وكانت عائشة تأمر المسحور أن يستقبل جرية الماء فيغطس فيه رأسه سبع مرات.
وقالت عائشة: من استقبل جرية الماء النهري فغطس فيه رأسه إحدى وعشرين مرة، ثم يغيره في عامه ذلك سحر.
وروي أن بنات لبيد بن أعصم اليهودي [سحرن] رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فاشتكى شكية شديدة حتى خيف عليه، ومكث أربعين يوما في شكايته وقد تغير جسمه ودهنه وخامره النسيان، فأتاه جبريل عليه السلام فقال: يا محمد أنت مطبوب، يعني مسحور.
قال: " ومن طبني؟ " قال: بنات لبيد بن أعصم اليهودي. قال: " وفيما؟ " قال: في خف طلع ذلك. قال: " وأين وضعته؟ " قال: في راعوفة بئر ذوران.
قال: " فما دوائه. يا جبريل؟ " قال: تنزع ماء البئر حتى تبدوا الراعوفة فتستخرج من تحتها.
وكانت البئر في بني بياضة من الأنصار فأرسل رسول الله [صلى الله عليه وسلم] لاستخراج ذلك من البئر وأحضر [لذلك] أبا بكر وعمر فنزعوا الماء فوجدوه قد تغير كهيئة ماء الحناء، ثم استخرجوا الخف من تحت الراعوفة فأتي به رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فوجدوا في عقدا معقدا ونزل جبريل على رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالمعوذتين فقال له: اقرأ يا محمد!
فقال: " وما أقرأ؟ " قال: اقرأ: {قل أعوذ برب الفلق} [الفلق: 1] . فكل ما قرأ آية انحلت عقدة إلى آخر المعوذتين. فبرق رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وصح. وقال صلوات الله عليه: " ما تعوذت بمثلها ".
ثم أمر أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إنسانا فبال على العقد والخف، ثم أحرقا بالنار، وألقيا بعد احتراقهما في حفرة [وواروهما] بالتراب، ثم دعا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ببنات
لبيد بن أعصم فاعترفن بما عملن، وكن ثلاثا أو أربعا.
قال عبد الملك:
والخف حيث يكون الطلع، ثم يذهب الطلع ويبقى موضعه فهو من الخف، والراعوفة الصخرة التي تكون في أسفل البئر يجلس عليها عند تنقيتها.
وسئل يحيى بن سعيد عن العبد أبق فيعقد بغير سحر فيغمى عليه الطريق ويمتنع من البول والخلا فيشتد ذلك عليه فيرجع إلى أهله فقال: رأيت [كثيرا ممن] أدركنا يكره ذلك كراهية شديدة وينهي عنه.
قال عبد الملك: هو من السحر ما هو، ولا يحل فعله.