مزاج اللحمان من الأنعام والطير والحيتان والبيض

قال عبد الملك بن حبيب:
اللحمان وأنواعها في الجملة حارة رطبة ولكل منها خاصة، فلحم البقر والإبل والتيوس الجبلية غليظ بارد يابس يولد بغلظه الدم الغليظ ويولد المرة السوداء.
ولحم خصيان المعز وإناثها: معتدل في الحر، والبرد، والغلظ، والرطوبة غير أنه إلى الرطوبة ما هو. وهو من طعام الأصحاء، الأقوياء، وليس بطعام المرضى ولا الضعفاء، ولحم الضأن أحر وأغلظ من لحم المعز. و [اللحم] المالح يعني القديد حار يابس.
لحم الجديان، والحملان، والعجول: وما صغر منها وهو أسرع انهضاما وليس من طعام الأشداء الأقوياء وذلك أنها تولد الدم الدقيق الرطب ولا خير [في ما] صغر
منها جدا لكثرة رطوبته وكذلك ما كبر منها جدا لا خير فيه. وأصح اللحم من ذوات الأربع، والطير ما كان فتيا ليس بصغير جدا ولا كبير جدا.
ولحم الطير: أحر وأيبس من لحوم ذوات الأربع، فلحم الدجاج والديوك حار معتدل، ولحم الفراريخ الذكور أحر وألطف ومرقتها تلين البطن.
ولحم الإوز والبط: أحر وأغلظ من جميع الطير الأهلي، ولحم الحمام حار رطب ينفع الكليتين ويزيد في المني والدم. وأخف ما في الطير الجناح والصدر، وبطون جميع الطير [حارة حديدة] .
ولحم صغير وحش الطير: أقل حرا وأعدل من الأنسي منها، وقد يطعم المريض من جميع أنواع الطير، ولا يطعم شيئا مما في بطونها وذلك لأن بطونها حارة حديدة. وأخف لحم الطير الدجاج وبعده الحجل واليمام.
ولحوم البراطيل: تزيد في المني.
ولحوم طير الماء: رطبة غليظة لأنها تغذى بالحشيش والسمك وهو أرطب وأغلظ من الأهلية والحبسية.
قال عبد الملك:
وجميع ما ذكرت من أنواع لحم الطير والأنعام قد يختلف عند الصنعة التي يصنع بها كاختلاف لحومه وذلك لأنه إن صنع بالخل احتمل قوة الخل وتغير إليه، وإن عمل بالحبوب تغير إليها واحتمل قوتها وإن شوي كان على قوته.
قال عبد الملك:
وبيض الدجاج: معتدل وبياضه غليظ بارد بطئ الانهضام، و [قشر] البيض
حسن جاف لطيف ينفع من البياض في العين إذا سحق واكتحل به وحده، أو مع الأدوية وقد ينفع بياض البيض وصفرته وقشوره من أوجاع العين. ويوضع عليها مثل المرهم، ينفع بياضه الصافي من الحر والورم في العين، وقشره ينفع من البياض، وقد تستعمل صفرته في المرهمات التي توضع على الأورام الحارة، ويطعمها من كان في أمعائه قرحة، ويحتقن بها من كان في بطنه أو أمعائه بتر وقروح.
قال عبد الملك:
والسمك الطري: كله في الجملة بارد رطب، والنهري أرطب من البحري. المالح من السمك حار حديد. وجميع أنواع السمك الطري إذا شوي وأكل حار فإنه يزيد في المني وبخاصة شحمه.
وسمك البحر: لا يقدر على تمييزه و [تصنيفه] إلا أن في البحر دواب تسمى سمكا وليست. وذلك أن السمك إنما هو ما كان له بيض، وخلق من البيض. وما كان منه إنما يلد ولا بيض فليس بسمك، وقد يشبه بعضه لحم السمك، ويشبه لحم بعضه لحم الأنعام، وقد يعرف السمك من غير السمك بغير البيض، يعرف أيضا بالسنبق فما كان له سنبق فهو سمك، وما لم يكن [له] سنبق فليس بسمك، وإنما هو من دواب البحر.