مزاج الأطعمة والأشربة واللحمان والإدام والثمار والبقول والرياحين ومعرفة ما فيها من العلاج والأشفية

قال عبد الملك بن حبيب:
ركبت الأطعمة كلها والأشربة والثمار والرياحين من الأخلاط الأربعة من الحر، والبرد واليبس، والرطوبة، فما كان منها موافقا لطبائع الانسان لم يبلغ حره، ولا برده، ولا رطوبته، ولا يبسه سمي معتدلا.
وما جاوز الاعتدال من ذلك جزء أربعة أجزاء وحد أربعة حدود، فما جاوز الاعتدال باليسير نسب إلى الجزء الأول، والحد الأول من الحرارة، أو البرودة، أو الرطوبة، أو اليبوسة، وما جاوز ذلك اليسير بالقليل أيضا نسب إلى الجزء الثاني والحد الثاني، وما قوي من ذلك وأربى نسب إلى الجزء الثالث والحد الثالث، وما أفرط في القوة وأضر بطبائع الجسد حتى يفسد ويمرض نسب إلى الجزء الرابع والحد الرابع.
فينبغي للإنسان ألا يصيب من الأطعمة والأشربة إلا ما [وافق] منها طبائع جسده وعدلها حتى يكون مزاجها معتدلا، وأنه إن بغى عليه شيء من طبائعه أن يلزم من الطعام والشراب وبضده حتى يكسر به ما بغى عليه من طبائعه.
فإن طبائع الجسد التي هي قوامه أربعة وهي: الدم، والبلغم، والمرة، الحرماء، والمرة السوداء، إنها ركبت من الأخلاط الأربعة: من الحرارة، والبرودة، والرطوبة، واليبوسة، فالدم حار رطب حلو، والبلغم بارد رطب مالح، والمرة الحمراء حارة يابسة مرة، والمرة السوداء باردة يابسة حامضة.
فإذا بغى عليه الدم وهو حار رطب حلو لزم من الطعام والشراب كل بارد يابس حامض.
وإذا بغى عليه البلغم وهو بارد رطب مالح لزم من الطعام والشراب كل حار يابس.
وإذا بغت عليه المرة الحمراء وهي حارة يابسة مرة لزم من الطعام والشراب كل رطب بارد مالح.
وإذا بغت عليه المرة السوداء وهي باردة يابسة حامضة لزم من الطعام والشراب كل رطب حار فإنه إذا فعل اعتدل مزاجه، ومن اعتدل مزاجه لزمته الصحة وجانبه السقم بإذن الله.
قال عبد [الملك] :
والطعام والشراب كله على أربعة أوجه: حلو، ومر، وحامض، ومالح. وفيه أربعة أمزجة: حرارة، وبرودة، ويبوسة، ورطوبة.
فالحلو كله حار رطب، والمر كله حار يابس، والحامض كله بارد يابس، والمالح كله بارد رطب، وما فسر لك ذلك نوعا نوعا ووجها وجها من الأطعمة، والأشربة، واللحمان، والثمار، والرياحين، والبقول. وما في كل نوع منه من العلاجات والأشفية على ما بلغني علمه وبلغ كشفي ممن كلمته فيه واستوضحته إياه من أهل العلم به، فإن أصل علم الطب من علم النبؤة بتقدير العزيز العليم.