ما جاء [في ما] يستشفى به من الأرض التي تستوباء

روي أن رجلا قال لرسول الله [صلى الله عليه وسلم] : [إن لنا أرضا] هي ربعنا وميراثنا وإنما وبئت علينا. فقال له رسول الله [صلى الله عليه وسلم] : " دعوها فإن من الغرف التلف ".
قال عبد الملك:
ومعنى قوله: وبئت علينا. يقول: كثر بها المرض والعلل، ومعنى قوله: " من الغرف التلف " فالغرف أيضا هو من كثرة المرض والعلل والموت.
و [شكا] قوم إلى عمر - رضي الله عنه - وباء بأرضهم فقال: لو تركتموها؟ [قالوا] : هي معايشنا ومعايش عيالنا. فأرسل عمر عن ذلك الحارث بن كلدة فقال: يا أمير المؤمنين البلاد الوبيئة هي ذات [أنجال، وبعوض، وتريب] . والنجل: [هو] الوباء، ولكن لو خرج أهلها منها قريب إلى أن ترتفع الثريا وأكلوا بها البصل والكراث
والثوم ويتداووا بالسمن العربي يشربونه ويمسون طيبا ولم يعسوا فيه حفاثا ولم يناموا بالنهار. رجوت أن يسلموا من وباء بها. فأمرهم عمر بذلك.
قال عبد الملك:
والأنجال: الغدور واحدها نجل، والتريب: الأرض. وقوله: [إلى أن ترتفع الثريا] فإن [مبتدأ] طلوع الثريا في النصف من مية وهو برا الشتاء واستقبل الصيف. فأمرهم أن [يختلوا] عن موضعهم حتى ترتفع الثريا. يعني حتى يخرج عنهم الربيع كله وهو [الفصل] ، ويشتد الصيف فراء. إن الصيف أصح من الفصل لذهاب ندوة الأرض وانقطاع بعوضها والعلل وكثرة الموت.
روي عن عمر بن الخطاب [أنه] قال ليهود خيبر: كيف [صحتكم] بها وهي أوبى بلاد الله، فقالوا: [نأكل] الثوم والتريب على الريق و [نشرب] السكر عليه، وخروج منها إذا [طلعت] الثريا حتى ترتفع، والمبيت بالبقاع، والنجل تحتنا ألا
يصيبنا. فأعرض عن ابن عباس أنه قال: إذا قدمت أرضا قبضت من ترابها، ثم اطرحه في ماء وليكن أول شيء تشربه بها فإنك تسلم إن شاء الله من وباء الأرض.